تابعت في القناة الثقافية حفل تدشين مركز الدكتور ناصر الرشيد لرعاية الأيتام الذي تكلف بناؤه 120 مليون ريال وبمساحة أكثر من 17 ألف متر مربع، حيث سيكون واحة ثقافية وتربوية وترفيهية لأطفال حائل الأيتام. ولك أن تتخيل عزيزي القارئ تلك القلوب الصغيرة وهي تعبر البوابة ثم تنظر أعينهم نحو اسم ناصر الرشيد، وترتسم على شفاههم ابتسامة العرفان والشكر، ثم تخفق بمحبة أبيهم بعد أبيهم وأخيهم بعدما قل السند والأخ والمناصر. أتذكر أن أعرابياً وصف الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رأى كرمه بقوله: إن محمداً يعطي عطاء مَن لا يخشى الفقر، وأظن أن الدكتور ناصر الرشيد - تقبل الله عمله - يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في عطائه، فتجد قائمة أعماله تتحدث عن عشرات الملايين في معظم جهات البلاد، لكن مدينته حائل حظيت بكثير من نشاطاته الخيرية ومنها هذا المركز، وقبلها إدخاله الكهرباء لعشرات القرى التابعة لحائل لتضيء بيوت أهله وربعه ومواطنيه بفضل الله ثم بفضله؛ إن رجال الأعمال في أميركا وغيرها يقدمون العمل الخيري حتى يتم تخفيض الضرائب عليهم، بينما لا توجد في بلادنا ضرائب نخفضها بسبب عمل خيري؛ فأي رجل أعمال يقدم عطاء للمملكة لا يحصل على منفعة مادية مقابل ذلك، وهنا تبرز المواطنة الحقيقية التي تحدث عنها مليكنا - أطال الله عمره - وذكّر بها رجال الأعمال ليقدموا لبلادهم بعض ما قدمت لهم. ومما لا شك فيه أن تشجيع العمل الخيري في بلادنا لا يجد التوجيه السليم نحو حاجات المجتمع، والبعض تشيع بينهم عبارة: "ليه.. وين الحكومة؟!" متناسين أن معظم الجامعات العالمية وجمعيات الخير - والمدارس المطورة في أميركا خاصة - وغيرها قامت على جهود أفراد المجتمع وتبرعاتهم، فمهما كانت الحكومات غنية فلا بد من دعم رجال الأعمال، مع التنويه بأن ذلك لا يقلل من واجب الحكومات التي يجب أن تلتزم به تجاه مواطنيها. للأسف أيضاً فإن البعض يعمل على إقناع رجال الأعمال بصرف صدقاتهم في بناء المساجد فقط، في حين أننا لو نظرنا إلى مصارف الزكاة لوجدناها اهتمت بالإنسان وحاجته قبل أي شيء آخر؛ مما يجعلنا نعي أهمية سد حاجات الناس من الفقراء والمساكين، فتكاليف بناء مسجد ـ قد يكون خلفه مسجد آخر ـ قد تسدد دَيْن مئة رب أسرة مديون عاجز عن إطعام أطفاله أو تعليمهم. لقد سررت كثيراً بتصرف الأمير سعود بن عبدالمحسن أمير منطقة حائل عندما أمر بتسمية المركز باسم الدكتور ناصر الرشيد، إن هذا التصرف يدل بلا شك على تميز الأمير القيادي وتقديره للناس وأعمالهم؛ ومن ثم اجتذاب أموال رجال الأعمال لبذل مشاركاتهم الاجتماعية داخل منطقته التي يديرها.

قيل: دائماً الناس هم من يصنع الفرق، والأمير والدكتور صنعاه في حائل.