كم مرة قرأتم في هذا الأسبوع وحده أخباراً عن الصكوك المزورة؟ كم مرة قرأتم طريقة تزوير هذه الصكوك حتى أصبح من الخيال أن يصبح كل صك منها (براءة اختراع) في طريقة تزويره؟ أكثر من هذا: هل حاول أحدكم أن يجمع أمتار هذه الصكوك المزورة ليكتشف الحقيقة الصادمة: آخر صكوك التزوير يفوق في مساحته حجم دولة صغيرة لها كامل العضوية في قاعة الأمم المتحدة. سؤالي المضحك البريء: هل تقدمت هذه الدولة بصك إثبات حيازة وملكية إلى ـ بان كي مون ـ تطلب بموجبه رفع علمها على بوابة هذه الأمم المتحدة؟
دعونا نكتب بقلم من (رصاص)، أياً كان هذا التأويل لمفردة ما بين القوسين: آخر أحلامي من وطني أن أحصل على 600 متر مربع بينما آخر صكوك التزوير يقول بالأمس في هذه الصحيفة إنه يحوي 60 مليون متر مربع في صك واحد تبلغ قيمته السوقية اليوم ثلاثة مليارات كاملة. تقول الأخبار عن هذا الصك إن (كاتب العدالة) استعان برقم (صك طلاق) كان مسجلاً بالمحكمة لإتمام الجريمة ونقل رقم طلاق امرأة إلى الزواج من 60 مليون متر مربع. قارنوا بين أحلامي من 600 متر وبين واقع التزوير لحيازة ستين مليون متر بمليارات ثلاثة. بين مواطن يطلب مجرد رقم فردي إلى اليسار (الصفرين) وبين آخر يلتهم (سبعة أصفار) إلى يمين رقم الأحلام، وفي صك واحد. لاحظوا أن صكاً برقم لطلاق امرأة تحول إلى ملكية لأرض تفوق مساحتها مساحة دولة تصوت في الأمم المتحدة. امرأة مجهولة تتحول إلى مساحة دولة. خذوا أيضاً هذه المفارقة المضحكة في طرائق مكافحتنا لمثل هذا التزوير. فإلى جوار الخبر المجلجل بعاليه عن صك بمساحة دولة، خبر عن الاكتشاف المدهش لهيئة مكافحة الفساد عن عيوب وثقوب في (أسفلت) الطريق الواصل بين الرياض وعسير. اكتشاف هائل، لكنه لا يحتاج إلا إلى مهندس مخلص، لا إلى هيئة وطنية عليا لمكافحة الفساد. صكوك تزوير يبلغ بعضها مساحة دول بينما هيئة الفساد تراقب الأسفلت ومساحات الحدائق وعرض الأرصفة، وأخيراً دعوكم من الكتابة بقلم من (رصاص) أو الضرب بيد من البلاستيك، تخيلوا لو أن هذه (المطلقة) المجهولة ذهبت غداً لفضيلة كاتب العدل لتطلب مجرد رقم صك طلاقها ذات زمن بعيد. تخيلوا لو أنها اكتشفت أن (طلاقها) قد تحول إلى ثروة هائلة بين يديها بستين مليون متر وثلاثة مليارات ريال. طلاق امرأة شاردة يتحول إلى مساحة دولة. امرأة مجهولة تتحول إلى عضو في الأمم المتحدة.