توقع خبراء أن يؤدي التضخم في الصين، الذي يرافق التوجه الحكومي لرفع مرتبات الأيدي العاملة للمصانع الصينية، إلى رفع أسعار الواردات إلى السعودية بنسب تتراوح بين 10%- 15%، وهو ما ينذر بتعثر كثير من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وخاصة متاجر السلع الرخيصة.

وشهدت الصين ارتفاعا في معدل التضخم خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 3.3%.

وقال عبدالحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودي لـ"الوطن" إن المملكة من الدول المعتمدة على الاستيراد في معظم سلعها، وإذا وجد ارتفاع في الأسعار محليا، فإنه يرجع بشكل مباشر لوجود تضخم في تلك الدول المصدرة. وتعد الصين من الدول المتوقع أن تشهد ارتفاعا في التضخم على المدى القريب، وخاصة بعد المطالبات الحكومية الصينية برفع الأجور. أما على المدى البعيد، ينتج التضخم الكبير بسبب صعود تكاليف المنتجات الأولية للمصانع".

وأضاف: "للأسف معظم الواردات السعودية من السلع الاستهلاكية البسيطة تأتي من الصين بنسب تصل إلى 30% من مجمل الواردات بسبب رخص أسعارها، مقارنة بدول نمور آسيا مثل كوريا الجنوبية وهونج كونج، دون الأخذ في الاعتبار وجود بدائل أخرى، والتنويع في مصادر الاستيراد، الأمر الذي ينعكس إيجابا على الاستثمار المحلي، وعدم التضرر بارتفاعات الأسعار للمستهلكين".

وأشار العمري إلى أن رخص أجور العمالة الصينية كان عاملا مهما في النمو لإنتاجية المصانع، وزيادة التصدير لمعظم دول المعمورة، وهو ما صاحبه ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ولكن زيادة تكاليف المعيشة والعقارات جعلت من الصعوبة بمكان استمرار الأجور الحالية، والمطالبة الشعبية برفعها، وتبني الحكومة لهذا التوجه، لتحمل تكاليف المعيشة، وخاصة في أسعار المواد الغذائية.

وأكد أن شريحة الدخل المحدود، وهي الشريحة الكبرى في المملكة، ستكون المتضرر الأكبر من زيادة أسعار الاستيراد، وقد تؤثر على المشاريع الصغيرة والمتوسطة من المستوردين من أصحاب المتاجر الصغيرة كمتاجر (ريالين و5 و10 ريالات) خلال السنوات الخمس المقبلة، إذا لم يقم أصحابها بإعادة دراسة مشروعهم، والتنويع في الاستيراد.

وبين العمري أن هناك دولا قد تزيد في تكاليف السلع للمصانع الصينية بنسب بسيطة، ولكن بجودة أفضل، وتتناسب مع دخول الشريحة البسيطة في المجتمع، مما قد يجعل المستوردين بجميع فئاتهم يتجهون لتك الدول كالهند وتركيا ودول نمور آسيا.

وقدر علي الزهراني المحلل والخبير الاقتصادي لـ"الوطن" أن القيمة التنافسية للمنتج المستورد من الصين سترتفع بنسب بين 10 إلى 15% إذا لم تقم الصين بإصلاحات لخفض نسب التضخم للأسعار الاستهلاكية.

وأوضح أن الاستيراد من الدول المجاورة للصين لجلب سلع رخيصة بجودة أفضل تفقد هيمنة الصين على معظم السلع المحلية، مضيفا أن مشكلة المستوردين السعوديين تكمن في أنهم يجلبون من الصين البضاعة ذات الجودة المتوسطة والرديئة، في حين أن المصانع الجيدة تصدر للدول الأوروبية، وبقية الدول المتقدمة، معتبرا أن مصانع السلع الرخيصة هي المتضرر الأكبر من زيادات الأسعار في سعيها لتقديم منتجات بربحية منخفضة.

وكانت أسعار السلع الصينية شهدت ارتفاعا مؤخرا، ولكن بسبب التشديد في الموانئ والجمارك وهيئة المواصفات والمقاييس ووزارة التجارة في جميع المنافذ التجارية، وذلك بعد أن فرض الفحص الإلزامي، وخاصة على الملابس والمنتجات الجلدية لكشف المواد التي تحتوي على مواد مضرة بصحة الإنسان بشكل خاص، وعلى الأضرار البيئية بشكل عام.

ولفت المستثمر فهد الثقفي أن صعود أسعار السلع الصينية بدأ يقلق كثيرا من المستثمرين، الذين بنوا علاقات مع مكاتب ومصانع صينية منذ عشرات السنين، والبعض يجلب البضائع عن طريق الحوالات والاعتمادات الإلكترونية، دون الحاجة للسفر وجلب وشحن البضاعة من هناك. وأشار إلى أن الفرصة متاحة لخروج المستثمرين، الذين يستهترون بالمستهلكين عبر جلب بضاعة رديئة. وكانت بنوك صينية بينت أن أسعار الأغذية التي تؤثر أساساً على الأسر الفقيرة ارتفعت في يونيو بنسبة3.8% وتبقى المحرك الرئيس لارتفاع الأسعار، لكن ارتفاعها تباطأ بشكل ملحوظ مقارنة بشهر مايو الماضي عندما بلغ 6.4%، وهو ما ينعكس تدريجيا على انخفاض النمو في الصين وعلى الصادرات التي سجلت زيادة لم تتعد نسبتها 8.7% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2012 مقارنة بالفترة نفسها في 2011،التي ارتفعت نسبتها إلى 20.3%.