• في مجلة العربي الكويتية العريقة، في عددها 96 في العام 1966 كتب الدكتور محمود السمرة مقالاً عن الروائي الألماني، ذائع الصيت، غونتر غراس، في مقالة سماها "رأس الشباب الغاضب"، واصفاً روايته "طبلة الصفيح" التي صدرت عام 1959 بأنها نقطة تحول في الأدب الألماني (لاحقاً غراس أحرز نوبل عن الرواية نفسها عام 1999) وأخرجته من التقليد إلى الأصالة. وكاتب المقالة كان قد وصف هذا الروائي بأنه رأس حركة الشباب الغاضبين في برلين، تجمع بينهم غضبتهم على الشيوعية والرأسمالية والنازية، وكل القيم التي يحترمها مجتمعهم، معتمدين في حركتهم تلك على التوسع في الكتابة والإنتاج الأدبي والفكري.

• يقول هاينز فون كريمر، وهو أحد الشباب الغاضبين، شارحاً أسباب غضبهم؛ "إن ألمانيا اليوم نسختان، إحداهما مترفة، تعتني بكل ذرة في جسم الإنسان، ولكنها تنسى أن لهذا الإنسان عقلاً، وثانيهما أقل شغفاً بالظهور، تهتم بعقل الإنسان ولكنها تريد أولاً أن تغسله لتحشوه بما تريد، وأنا في كلتيهما لا أحب أن أعيش، لأنه لا مجال فيهما للمعارضة، وليس فيهما الكثير مما نود المحافظة عليه ولا الدفاع عنه، لأنهما قائمتان على الطاعة العمياء... في كلتيهما لا أحب أن أعيش لأن من يستعمل عقله يُعتبر فوضوياً، وعديم الشعور بالمسؤولية، وهكذا أصبحت كلمة "مفكر" منكرة بغيضة، كما كانت في الماضي، وأصبح المفكرون أعداءً يُطاردون". (ألمانيا اليوم من الدول الديموقراطية الكبرى، التي يتمتع الإنسان فيها بكامل استقلاليته وحريته وحقوقه، بحماية القانون).

• لقد رأينا في نواحي الوطن العربي أنه لا شيء أكثر خطورة من الاستهانة بغضب الشباب، والاستمرار في التضييق عليهم، وتجاهل تطلعاتهم وحاجاتهم ووعيهم، لاسيما في هذا الزمن المفتوح فهاهم ينفجرون في وجه الإهانة والاستهانة بهم، في وجه الفقر والبطالة والحصار الأمني المرعب، وتغييبهم عن الحياة السياسية.. ولم تتمكن هذه الأنظمة بكل عتادها الأمني والعسكري، من القضاء على إرادتهم، بل يزدادون غضباً وإرادة، وتصميماً على حريتهم.http://youtu.be/_84XhG0fsz4

• يقول الروائي المثير غونتر غراس، في أحد الحوارات معه: "إنّ للتبعية (الفكرية والروحية والمادية) وجهاً واحداً، وأنّ للحرية وجوهاً متعددة".. ويضيف؛ "لقد أردْتُ بناءَ فكرٍ نقدي لدى الألمان لإخراج الفتيان من إسار التاريخ ومن أوهام الحاضر. لقد أردْتُ أن أتسبّبَ في تحرير العقل الألماني والنفسية الألمانية من الجبن والخوف والنفاق والتماس المعاذير!".