لم يكن تاريخ 29 نوفمبر الذي ارتأته الأمم المتحدة للاحتفال باليوم لعالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، عبثيا. فلهذا التاريخ معناه وخصوصيته، في الوقت الذي خرجت فيه غزة منتصرة من حرب أرادتها إسرائيل ساحقة وماحقة لكل ما يدب على أرض القطاع.

كان الدرس قاسيا لإسرائيل، ولو من حيث الشكل، بموافقتها العلنية على توقيع هدنة مع الفلسطينيين، كل الفلسطينيين، بعد أن غزت صواريخ المقاومة سماء تل أبيب والقدس، ونام المسؤولون الإسرائيليون، كما غيرهم من اليهود في الملاجئ.

نقول من حيث الشكل، لأن المضمون كان أقسى على القادة الصهاينة. فحرب غزة أبطلت مفعول إيهود باراك، وهو وزير الدفاع الذي له صولاته وجولاته ضد الفلسطينيين في الداخل والخارج، وارتبط اسمه بعمليات خارجية كان أبرزها عملية فردان في بيروت 1972 ضد الزعماء الفلسطينيين الثلاثة: محمد يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر، وفي كل العمليات القذرة التي نفذها جهاز الموساد ضد قادة فلسطينيين في العالم.

وضعت الحرب الأخيرة على غزة باراك خارج اللعبة السياسية الإسرائيلية، لإفساح المجال أمام شخصيات جديدة، من حزب العمل، كما ادعى وزير الدفاع، ولكنه لم يقل الحقيقة كاملة، وهي أن أي مسؤول إسرائيلي عليه أن يقدم قبل كل انتخابات برلمانية أوراق اعتماد إلى جمهوره، تكون مضرجة بدماء الفلسطينيين، وهو ما عجز باراك عنه، ليفسح المجال إلى الثنائي اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو وأفيجدور ليبرمان لتحقيقه في انتخابات 22 يناير المقبل.