بعيدا عن الهموم المحيطة بجمعية الثقافة والفنون، يصف مدير فرعها في الدمام الناقد والقاص عيد الناصر وضع الحالة الثقافية في المملكة بأنه "مزر"، مؤكدا أن الأدب لدينا في قاع الاهتمامات الإعلامية والصحفية.
وقال الناصر في حوار مع "الوطن": إن التربية تجيب عن كثير من التساؤلات للحالات "العجائبية" لمجتمعنا، فنحن مجتمع استهلاكي تلعب الموضة دورا رئيسيا فيه، ونعيش موجات "موضوية" سريعة الاشتعال والانطفاء، وكأننا اكتشفنا الرواية فجأة فهب كل من يمسك بقلم وكتب رواية وبعد فترة قصيرة انتهت الموضة، ثم اكتشفنا اليوتيوب، وبدأ شبابنا ينشرون الكوميديا السوداء، وأغرقنا المسابقات الخليجية بأفلامنا.. ظواهر تولد وتموت قبل أن تحبو، وكلها في تصوري جزء من تلك التركيبة النفسية الاستهلاكية التي تبحث عن وميض اللحظة فقط.
واتهم الناصر شروط النشر في بلادنا، قائلا "أنا من مدرسة تربط التأويل للنص الأدبي بواقع الحال من كل وجوهه، أبحث عما وراء النص دون تحميل النص أكثر مما يحتمل لأن النص لا يولد من فراغ، مؤكدا أن المشرفين على الصحافة لدينا لا تعنيهم هذه الأمور، وذلك - حسب رأيه - من واقع تجربة فعلية.
وأضاف "لقد قدمت أكثر من قراءة نقدية في النادي الأدبي بالدمام ولم تنشر الصحافة عن هذه الندوات أي شيء، لماذا؟ لأنها تتحدث بصراحة عن واقع الحال، ولا أحد من المسؤولين في الصحافة يريد أن يتحدث بصدق أو بصراحة عن أي معاناة حقيقية".
وعلى الجانب الشخصي، يؤكد الناصر أن كتابة الملاحظات بالنسبة له هي نمط حياة، سواء لما يشاهده أو يسمعه أو يعايشه بشكل يومي، قائلا "أحتفظ بدفتر ملاحظات في غرفة التلفزيون، وآخر أمام جهاز الكمبيوتر وآخر في جيبي أينما ذهبت، أحاول أن ألتقط الفكرة لحظة ولادتها وأدونها بحرارتها لأنها قد لا تعود مرة أخرى، وفي كثير من الأحيان أتنحى جانبا وأنا أقود سيارتي على الشارع العام لأكتب ملاحظة لفكرة أو رأي لحظة ولادته، وهذه الملاحظات تشكل مصادر مهمة ورئيسية في حياتي وعلاقاتي مع الناس وفيما أكتب".
وأشار إلى أن بعض هذه الملاحظات تجد طريقها إلى القراءات النقدية أو الحوارات الأدبية التي عادة ما تدور في المنتديات الأهلية وغيرها، وبعضها يبقى للذكرى والاسترجاع بين فترة وأخرى.
وعن الاهتمام القصصي والأدبي في الصحافة، أوضح الناصر أننا نعيش قلقا، سواء في الأكل أو قيادة السيارة، أو حينما نتحدث، بينما يحتاج الأدب إلى نوع من التأمل لنستطيع معايشته وتذوقه، مضيفا "نلاحظ أن أول ما يتم التأكيد عليه في الأمسيات الشعرية أو المسرحية أو القصصية أو الموسيقية هو عدم إطالة الضيف"، أصبحت الثقافة اليوم بصرية سريعة الومضة، ورغم القناعة بأن الشعر والقصة والأدب بشكل عام سوف يبقى متواجدا وكمصدر للكثير من الإنتاج البصري، إلا أن الأدب في قاع الاهتمامات الإعلامية والصحفية لدينا.
وحول الاهتمام بالتراث والمكان في القصة، يرى الناصر أنه لا يستطيع أن يقول هذا الكلام دون دراسة على شريحة معينة من الإنتاج الذي تشير إليه، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في بعض الدراسات النقدية، حيث يقتطع بعض النقاد نصوصا، ويعطونها عناوين عامة مثل المرأة في الرواية السعودية، أو الجنس في القصيدة السعودية.. إلخ، وهذا خطأ منهجي ودعاية غير أخلاقية للترويج لاسم أو كتاب أو دراسة معينة، الصحيح هو أن يتم التحديد ليخص النصوص محل الدراسة وليس التعميم، قائلا "لهذا تجدني أتحفظ في الاقتباس من هؤلاء البعض ممن يقدمون قراءات إسقاطية مغلوطة".
يذكر أن للناصر إصدارين هما: رواية "هسهسة التراب"، وآخر نقدي بعنوان "أقنعة الخوف"، ويقول حول ذلك "أنا مقل بالنسبة للإصدارات، ولكني أواصل الكتابة والنشر في بعض المواقع الإلكترونية، وتحديدا في موقع "دروب"، ويعمل حاليا على إصدار كتاب مع بداية السنة القادمة، مضيفا أن ما يكتبه من قراءات نقدية ينشر في بعض المواقع على شبكة النت، وهناك مواضيع أطرحها للحوار والنقاش في بعض المنتديات الأهلية، وآخر قراءة قدمتها قبل عدة أيام خصصت لكتاب علي الظفيري "بين الجزيرة والثورة".