كم كنت أتمنى أن أشارك بتلبية الدعوة يوم الاثنين القادم في الإثنينية الثقافية الأدبية المتميزة بفكرها وتنوعها وسياستها في تكريم الرواد من الشخصيات العالمية والعربية والإسلامية تقديراً لعطائهم وإبداعهم وتميزهم في خدمة العالم والإسلام والأمة العربية في مختلف المجالات. وهو منتدى ثقافي علمي تجاوز ربع القرن، أنشأه وتبناه معنوياً ومادياً وفكرياً رجل الأعمال الأديب الشيخ عبدالمقصود خوجة، ابن الأديب الراحل رئيس تحرير أول جريدة رسمية للدولة السعودية (أم القرى) المرحوم بإذن الله محمد سعيد خوجة. وبعد غياب طويل قارب العام تعود الإثنينية لتكمل مشوارها بعد أن افتقدنا المجلس الأشهر ضمن مجالس المنتديات في المملكة، بعد أن منّ الله على صاحبه بالصحة والعافية، وهو نموذج فريد من رجال الأعمال والأدباء، والذي نفخر به كأحد رجال الأعمال المتميزين ببعدهم الاجتماعي والفكري والأدبي.
نعم كم كنت أتمنى أن أشارك يوم الاثنين القادم حفل الإثنينية لتكريم أحد رجالات الدولة من مشايخنا وأئمتنا وأساتذتنا معالي فضيلة الدكتور صالح بن حميد، ابن الشيخ العلامة أحد مفتي الديار السعودية منذ تأسيس المملكة العربية السعودية، فضيلة الشيخ عبدالله بن حميد، صاحب السيرة العطرة والمواقف العادلة.
إن تكريم الشيخ صالح بن حميد في إثنينية الخوجة هو تأكيد وتأصيل وإصرار من الإثنينية وروادها ومن مجتمع رجال الأعمال والأدب والثقافة والفكر والعلم بأننا في المملكة العربية السعودية نكن كل احترام وتقدير وإجلال لعلمائنا وأئمتنا وأساتذتنا من رجال العلم والدين، وأننا حريصون كل الحرص على توطيد العلاقة والمودة والمحبة بين علمائنا وأئمتنا، وأننا مواطنون حريصون كل الحرص على ديننا أولاً وعلى وطننا ووحدته وقيادته الحكيمة ووحدتها.
إن من يعتقد أن هناك فجوة أو فجوات بين المواطنين وبين أئمتهم ورجال الدين فهو مخطئ، وأنا أحد الشهود، عشتُ فترة من الزمن على قرب من مشايخنا وأئتمنا فوجدتهم أصحاب خلق رفيع وأمانة ونزاهة، حريصين على دينهم وسنة نبيهم، أوفياء لأصدقائهم، ملتزمين بوعودهم، مبادرين بأعمالهم الخيرية، أصحاب مبادئ لا يتخلون عنها.. زاملت بعضهم في مجلس الشورى عندما كان رئيسنا ضيف الإثنينية معالي فضيلة الدكتور صالح بن حميد، فكان أنموذجا للإمام الصالح والرئيس الديموقراطي العادل، والأخ والزميل والصديق لزملائه.. عرفتهم عن قرب وحاورتهم في المجلس وفي لجان المجلس وفي جلسات الحوار الوطني، فوجدتهم يحترمون الرأي الآخر ويحرصون على أدب الحوار.
اليوم وبعيداً عن رئاسة مجلس الشورى ورئاسة مجلس القضاء الأعلى ورئاسة الحرمين الشريفين، وبعيداً عن عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، تكرم الإثنينية بروادها ممثلين عن المجتمع بأكمله أحد النماذج المشرفة للأئمة ولرجال العلم والدين، معالي فضيلة الدكتور صالح بن حميد الذي سيظل في ذاكرة جيلي والأجيال القادمة، وسيكون قدوة للمشايخ والأئمة ورؤساء مجالس الشورى.. الرجل الذي استطاع تسجيل تاريخ سيرة أئمة الحرم، والذي احتفلت مكة المكرمة الأسبوع الماضي، من خلال مركز تاريخ مكة الذي أسسه ويشرف عليه مؤرخ الجزيرة الحقيقي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد النائب الأول ووزير الدفاع، والذي أنشأ دارة الملك عبدالعزيز المتخصصة في كتابة تاريخ المملكة والجزيرة العربية؛ احتفلت بالإصدار الثمين (تاريخ أمة في سيَّر أئمة)، والذي قدمه مؤلفه فضيلة الدكتور صالح بن حميد بعد جهد سنوات طويلة في البحث والإعداد والتوثيق والتصحيح، ليقدم للتاريخ الإسلامي أحد الكتب الوثائقية الإسلامية التي ليس لها مثيل في التاريخ القديم والحديث. وللحقيقة لقد قدم لنا فضيلته وثيقة تاريخية عن أئمة الحرم بكل حيادية وبأمانة ونزاهة. وللأمانة فإن هذا الإنجاز التوثيقي يعتبر أحد النوادر للكتب الوثائقية الإسلامية، وأتمنى أن يطلع عليه كل مؤرخ، وكل طالب علم، وكل أستاذ ومفكر.
نعم إن تكريم الإثنينية لفضيلة الدكتور صالح بن حميد هو في الحقيقة تكريم وتقدير لمشايخنا وأئمتنا. وكم كنت أتمنى أن أشارك في هذا التكريم لولا ظروفي الصحية، متمنياً أن تتبنى الإثنينية أو مركز تاريخ مكة الذي أتشرف بعضويته ترجمة كتاب (تاريخ أمة في سيَّر أئمة) إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية وبقية اللغات العالمية. كما أتمنى أن تتبنى كليات الآداب ـ قسم التاريخ في الجامعات السعودية اعتماد هذا الكتاب كمرجع أساسي أو مادة تدرس لطلبة التاريخ أو لكليات الشريعة. كما أتمنى أن تحتضن هذا الكتاب جميع المكتبات السعودية، ليتعرف الناس على سير وتراجم أئمة الحرم المكي منذ عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى اليوم. كما أتمنى أن يشارك في حضور هذه الإثنينية زملاء ورفاق درب فضيلة الدكتور صالح بن حميد في مجلس الشورى وفي مجلس القضاء الأعلى وفي رئاسة الحرمين وجامعة أم القرى وطلبته ومن بقي من أساتذته. كما أتمنى على وسائل الإعلام أن تعطي هذا الإمام الصالح والمؤرخ الأمين والأستاذ القدير والرئيس الديموقراطي لمجلس الشورى حقه.
أؤكد أن رجال الأعمال فخورون كل الفخر بهذه الشخصيات المتميزة من أئمتنا ومشايخنا، وسنعمل معاً لرفع شأن أمتنا الإسلامية ودولتنا الفتية، داعمين ومساندين قيادتنا الرشيدة لتحقيق أهدافنا السامية. وإن تلاحمنا، مشايخ ومسؤولين ومواطنين وموظفين ورجال أعمال؛ لتحقيق هدفنا الرئيسي، وهو المحافظة على ديننا بمختلف مذاهبه ووحدة وطننا على مختلف مناطقه وحدوده، والمحافظة على وحدة قيادتنا. هذا هو أساس نجاحنا في الماضي والمستقبل، وإن إقصاء طرف لطرف آخر لن يحقق أهدافنا الرئيسية.