نظمت منظمة التعاون الإسلامي في مقرها بجدة قبل أيام، ندوة ضافية بعنوان: (الأعمال المسيئة للإسلام: أبعاد الصدام وآفاق التعايش بين الإسلام والغرب)، توّجها سعادة السفير محمد أحمد طيب، مدير عام فرع وزارة الخارجية بمنطقة مكة المكرمة بمحاضرة عنوانها (الإسلاموفوبيا).. المحاضرة وبحق كانت مستوفاة الجوانب، واستطاع السفير أن يسفر فيها عن سعة إلمامه بالجوانب الأساسية للموضوع، وخصوصا عندما أكد على أن أي حل جذري لظاهرة الإسلاموفوبيا لا يمكن أن يتأتى من دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، السفير طيب ألفت النظر إلى ما تم رصده من قبل المنظمة عن الانتهاكات ضد الرموز الإسلامية والمسلمين في مختلف أنحاء العالم. وفي تناوله للأبعاد التسعة المهمة أشار إلى التنافس التاريخي القديم بين الشرق والغرب، والذي أعاق ويعيق فهم العالم الغربي بعمق لحقيقة الدين الإسلامي، ولم يغفل بيان أن الحركات الإسلامية المتطرفة المعادية للغرب، كانت سببا مباشرا في تعميم الغرب حكمهم عليها على عموم المسلمين، مختتما محاضرته الجميلة بأن الإعلام الغربي يتحمل مسؤولية إذكاء العداء ضد المسلمين، من خلال الأعمال أو الرسوم أو الأفلام المسيئة.

Islamophobia أو معاداة الإسلام، أو رهاب الإسلام، أو الخوف من الإسلام لفظة تشير إلى (شيطنة المسلمين)، وقد لوحظ استخدامها قبل حوالي أربعين سنة، وانتشرت سريعا بعد الهجمات الإرهابية على مركز التجارة العالمي في الحادي عشر من سبتمبر، حتى ظهر على الملأ من يقول: إن الإسلام كتلة وحدانية معزولة، جامدة وغير مستجيبة للتغيير. وأن الإسلام مميز وغريب، وليس لديه قيم وأهداف مشتركة مع الثقافات الأخرى، ولا يتأثر بها، ولكنه يؤثر فيها. وأن الإسلام أدنى من الغرب، وأنه وحشي، وغير عقلاني، وبدائي، ومتحيز ضد النساء. وأن الإسلام دين يتسم بالعنف والعدوانية، ويدعم الإرهاب. وقد وجدت بعض الجماعات الإسلامية في المصطلح فرصة للدندنة والطنطنة حول القول بأنه لا مبرر للخوف من ممارساتهم التي مارسوها ويمارسونها باسم الإسلام، والإسلام بريء.

ولأننا في مقال يبحث عن المصطلحات تذكرت مصطلحا آخر، ولعله هو أحد الأسباب المهمة والهامة لظهور ما يسمى بالإسلاموفوبيا، وأقصد به مصطلح (الإسلامويين) الذي ابتكره قبل أكثر من عشر سنوات المفكر والمحامي الشهير صاحب الخلفية الإسلامية خليل عبدالكريم؛ للتفرقة بين الإسلاميين المعتدلين والإسلاميين الدمويين ـ إسلامي + دموي = إسلاموي ـ.

الإسلامويون مجموعة من المسلمين تعتقد أن الإسلام نظام سياسي، وتبيح فرضه بالقوة على الناس، ورغبتهم الأولى والأخيرة تتمثل في تأسيس دولة دينية توافق مفهومهم الخاص عن الدين، وهم الذين تسببوا ويتسببون في تشكيل صورة نمطية مسبقة عن الإسلام وعن المسلمين، وأخافوا ويخيفون الناس بألفاظهم وأفكارهم وانغلاقهم من الدين.

شخصيا أتمنى ألا يطول الوقت بالمسلمين المعتدلين، حتى يثبتوا أن الإسلام لا يهدد السلم الاجتماعي، وأن الإسلام أقوى مكافح لانتشار وباء (الطائفية) و(الكراهية).. أتمنى أن يفهم العالم كله بكافة ألوانه وأعراقه وأطيافه أن الإسلام دين الحقوق والحريات والعدالة، دين لا يهمش ولا يسحق، ولا يحرم الناس من الفطرة السليمة التي هي سر التسامح والفضيلة.. دعونا نقولها بصدق، إن المشكلة ليست في الدين، كما أنها ليست في المتدين الملتزم بسلوكه الديني القويم، المشكلة تكمن في الاصطفاف والتخندق والتعسكر والإقصاء والوصاية والرغبة في ابتلاع الناس، وكلها مؤشرات لما لن تحمد عقباه من فوضى وصدام وأحقاد هنا وهناك.