هناك فارق كبير بين أن تكون موظفا في منشأة حقوقية، وأن تكون حقوقيا فعليا، ذلك ما يحدث فارقا بين هنا وهناك في طريق الحقوقيات النساء. الكثير من النساء اللواتي يطالبن بحقوق المرأة يكتفين بالتنظير وتحديدا اللواتي يعملن في مكاتب حقوق الإنسان. هناك مثل يقول: ما فائدة الدنيا الوسيعة ما دام حذاؤك ضيقا. وهذا ينطبق على واقع فروع حقوق الإنسان التي تعمل بها المرأة شكليا ليس أكثر. بالاكتفاء بالمكانة والوظيفة دون العمل على تحويل ذلك إلى عمل فعلي من خلال المناشط والفعاليات ذات العلاقة. إن العمل الجاد وخصوصاً العمل الحقوقي هو أحد أهم العوامل نحو تحقيق معنى الحقوقية، إذ إن كلمة (حقوق) كلمة مطلقة يندرج تحتها تاريخ بأكمله.

إن العمل الجاد الواضح هو ما سيحقق النتائج، فالموظفات في أماكن حقوقية لسن ناشطات أو مطالبات بحقوق المرأة، إذ ليس لهن صلاحيات ذات تأثير، ويكتفين بالعمل داخل مكاتبهن ليس أكثر.

حقوق المرأة بين التنظير والواقع في المجتمع السعودي مدخل مناسب للواقع المعاش وما يدور حوله من إشكاليات ولغط له بداية وليست له نهاية، فحقيقة.. الضجيج الذي يثار حول حقوق المرأة يفوق كثيرا الواقع العملي، فنحن ما زلنا في طور الثرثرة اللامجدية في شأن المرأة وحقوقها حتى إن الحقوق التي حصلت عليها ـ كما يُعتقد ـ ما هي إلا حقوق شكلية، والبقية حقوق غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع. أعتقد أن ملحمة الحقوق المزعومة ليست بأكثر من معارك ورقية مجرد أصوات وعناوين/ حوارات/ مقابلات تلفزيونية/ برامج/ ندوات/ دراسات وكتب.. تنظير في تنظير زاد في السنوات الأخيرة بشكل ملفت. كما أن الكثير ممن يطالبون بالحقوق لا يستطيعون تطبيقها في مجتمعاتهم الصغيرة مثل الأسرة – القبيلة – الحي.. يظلون مقيدين، يعانون من ازدواجية في معايير الرفض والقبول، الرجال والنساء على حد سواء.. هذا جزء من الخلل الذي يفاقم انهزام الأفكار الحقوقية على أرض الواقع.

بالرغم من هذا يظل هناك نساء مواطنات متفردات يعملن بشكل فردي في مجال حقوق المرأة، ومنهن عدد من الأميرات السعوديات ناشطات جدا مثل الأميرة عادلة بنت عبدالله والأميرة مشاعل بنت فيصل بن تركي والأميرة سارة الفيصل والأميرة أميرة الطويل وغيرهن.. فهن لا يترددن في دعم ومساندة أي ناشطة أو مثقفة أو إعلامية بل وغالبا يقمن بهذا بعيدا عن الأضواء، وبلا شك نعول عليهن في الكثير من الدعم الحقيقي للحراك الثقافي لما يمتلكنه من إمكانيات تسهم في مجالي تنمية المرأة ثقافيا وحقوقيا، مثل الأميرة عادلة بنت عبدالله أميرة مثقفة وواعية وتتبنى قضايا المرأة، وبالفعل هي تقوم برعاية عدد من المشاريع الإنسانية للمرأة والطفل، وهي تحرص على دعم أية مبادرات من النساء في أي مجال، وقد التقيت بها أكثر من مرة وكانت أول مرة التقيت بها في حفل مدرسي خيري لدعم الأطفال المعاقين، وهي أميرة لها حضورها الحقيقي في نشاطات المرأة السعودية، فتقديري لكل حقوقية تعمل على أرض الواقع.