أطل شهر الخير وجميعنا نبتغي منه فرجا ومغفرة.. نتمنى ذلك لكن حقيقة لابد أن نعترف بها.. أن فينا من الـتأفف وضيق الخلق الشيء الكثير وبما يجعل رمضاننا مدعاة للتعبير عن "الكتمة " و"التكشيرة".. فقط نشتكي أن نهارا طويلا نقضيه ولا نحسب ذلك في عداد كثرة الأجر والقرب من الله..
يقابل ذلك ساعات ليلية تراجع معدلها حينما اقتصها النهار تمنيناها أطول لفرط اندفاع مشاهداتي أقلقنا وجعلنا في إطار السلبية التي لا تحمد عقباها؟!
صيف حارق وجلَنا لا يعاني رمضاءه أو يقف تحت شمسه.. فقط جبلنا على التأفف والسبب أننا لم نعد نطيق حرارة ولا نتكيف مع أجواء غبارية اعتدنا عليها كثيرا.. رغم أن مسيرتنا المناخية التاريخية تشهد لنا بالتكيف والتصدي.
رمضاننا سلبي في كيفية التعامل معه.. فيه خير..
لكننا لم ندرك هذا الخير..
نعيش أجواءه التي أردناها معتمة.. ولسنا مسؤولين وحدنا عن عدم اقتناص الخير بل لأن هناك من يدفعنا لذلك دفعا..
فلا مراكز رياضية أو ترويحية ننقاد لها كي تزيدنا صحة وألقا وترويحا، فكل جهة حكومية معنية بشأنها الداخلي ولا عليها من إسعاد المواطنين والمقيمين..
الساحات نادرة.. والبرامج متواضعة.. ولا سبيل إلا الإنكفاء على الريموت أو الركض نحو "الاستراحات" التي تفوح سلبية.. أو البحر الساخن ذا الرطوبة المزعجة على السواحل.. أين المفر ؟!
قد يقول قائل "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. وأقول له صدق الله العظيم..
لكن أليس هناك بعض ترفيه .. لاسيما أن ليل رمضان قد نٌظفت جيناته من النوم ..ومنه وفيه قد يستطيع الشاب القفز على العوائق الترفيهية من خلال التسكع بالأسواق أو التسمر أمام شاشات التلفاز لمشاهدة سقط المتاع الدرامي، لكن ماذا عن النساء..
ما الذي قدم لهن في إطار ذلك... قد يقترح أحدهم النوم المبكر.. وأحسب أن مثل ذلك فيه من الأنانية الشيء الكثير... وعليه فلن نلوم شبابنا وشاباتنا حين استهلالهم للعام الدراسي الجديد وهم في حال.. من الضيق لا يعلمها إلا الله .لذا لن نقف أمام الشباب.. لكن هناك من يجرؤ على الفتيات ليطلب منهن أن "يقرن في بيوتهن"؟!.
رمضان.. الذي انتزع كثير منّا خصوصيته الروحية.. انكفأ على التسلية الضارة فبات عنوانه المسلسلات الرمضانية من تلك التي تحمل عنوان الإفلاس وسط التكرار الممل الذي جعل من شخصيات كنّا نحسبها مفيدة أقرب إلى التهريج. ولتتأكدوا راقبوا المالكي وعسيري والسدحان والحيان..
إنهم يعبثون بشبابنا من خلال الدراما الهابطة التي يقدمونها..
بكل أسف ومنذ زمن ليس بالقليل لم تتطور أعمالهم منهجا ومضموناً بما يجعلها مساهمه في استمرار الصورة النمطية السلبية عن هذا المجتمع ، فلم تكن معينة في تطوير الفهم والإدراك بين الناس، ناهيك عن بعدها عن حل القضايا الاجتماعية، هي خواء وتعاسة تدفعنا لأن نطالب بأن تتحرك مؤسساتنا لإيجاد مقومات ترفيهية بديلة خلال رمضان ومن خارج البيوت؟!
لن أكون كالمطالبين بإيقاف المراكز الصيفية بعد اتهامها بالانحراف التوجيهي الفكري.. وهم لم يقدموا حلولا أو بدائل.. لكن أتمنى "على أقله" أن يفعل برامج مراكز الأحياء الذي تبناه مشروع خادم الحرمين لتطوير التعليم "تطوير" من خلال استثمار المنشآت التعليمية داخل الأحياء لتكون منارة للأنشطة الثقافية والترفيهية في الأحياء للجنسين..
ننادي بذلك في شهر الخير بعدما يئسنا من الجهات الحكومية الأخرى المعنية باحتواء الشباب وخدمتهم بعد أن أفلست في المساهمة باستثمار أوقاتهم.. وانتزاعهم من أمام الشاشات أوالتسكع ليكونوا أكثر إيجابية لأنفسهم ومجتمعهم؟!