منذ بدأت الأزمة السوريّة، منذ أكثر من عام ونصف، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وحكومته، يوليان قضيّة الشعب السوري اهتماما ورعاية متزايدين بحجم ما يتعرّض له الشعب العربي السوري من قتل وتدمير وسفك للدماء.
لقد كانت المملكة العربيّة السعوديّة ممثلة بشخص خادم الحرمين الشريفين، أوّل من أطلق نداء مهما لوقف العنف والقتل الّذي يتعرّض له الشعب السوري من نظامه الظالم، وكان هذا النداء بداية التحرك العربي والإسلامي والدولي لنصرة الشعب السوري، وتأييد حقه المشروع في الحريّة والكرامة، واختياره لنظام الحكم الّذي يريده، والتخلّص من نظام الحزب الواحد المرتبط إقليميا بجهات خارج المنطقة العربيّة، والبعيد عن مصالحها الحيويّة.
إنّ النظام الظالم في الشقيقة سورية قد جعل من نفسه جسر عبور للجموح الإيراني ليمدّد نفوذه في بعض المناطق العربيّة باسم القضيّة الفلسطينيّة العادلة. هذه القضيّة الّتي تاجر بها النظام السوري على مدى أربعين عاما ليغطّي أخطاءه وخطاياه بحق شعبه، وقضايا الأمة بذريعة التوازن الاستراتيجي مع العدو الصهيوني حينا، وبالصمود والتصدّي لهذا العدو حينا آخر.
وللشعب السوري مكانة خاصّة لدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، لأنّ المملكة وقيادتها كانتا على الدوام حريصتين على التكامل والتضامن العربي وخاصّة بين العواصم المؤثّرة على الصراع العربي الإسرائيلي والمتمثّلة بالرياض والقاهرة ودمشق وبغداد، من أجل ذلك كانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين في مؤتمر القمّة العربيّة الاقتصاديّة في الكويت منذ عدّة سنوات للمّ الشمل العربي، وما أعقبها من مبادرات على الرغم من الجرح العميق الّذي أحدثه النظام السوري في العراق وفلسطين ولبنان، وخاصّة على إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، غير أنّ النظام السوري لم يستطع أن يقرأ حلم وصدق وفروسيّة خادم الحرمين الشريفين وحكومته وشعبه، فأمعن في خطاياه وفي العمل على ضرب مصالح المنطقة العربيّة، رغم المبادرة الّتي قام بها خادم الحرمين الشريفين شخصيا من خلال زيارة دمشق وبيروت لتصحيح العلاقة اللبنانيّة السوريّة، وتدعيم أواصر الأخوّة بين الشعبين اللبناني والسوري، ومن أجل ذلك كله، ومن بعد ذلك كلّه كان القرار السعودي الحاسم ومعه العربي وحتّى الدولي باحتضان قضيّة الشعب السوري العادلة وحقّه في الحريّة والكرامة والعيش بسلام بعيدا عن هيمنة إرهاب الدولة الّذي مارسه النظام على الشعب باسم الممانعة والمقاومة وتحرير فلسطين.
عام ونصف عام، من الثورة والدماء والدموع والآلام، وسقوط آلاف الضحايا وعشرات الآلاف من المفقودين ومئات الآلاف من النازحين والمبعدين والمهجّرين، ومازال النظام السوري مستمرا في خياره الأمني لإخماد ثورة الشعب، رغم النداءات المخلصة من الدول الشقيقة والصديقة الّتي لم تصل أصواتها إلى النظام الّذي لم يعد يسمع إلاّ ما تقوله موسكو وطهران، لذلك كانت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز مؤخّرا لعقد قمّة عاجلة للدول الإسلاميّة لنصرة الشعب السوري في نهاية هذا الشهر، وفي رحاب مكّة المكرّمة، وأعقبها بالدعوة إلى حملة تبرّعات ماديّة يشارك فيها أبناء المملكة العربيّة السعوديّة؛ رجالا ونساء، أمراء وأغنياء، نصرة للشعب السوري، من أجل مساعدته على الخروج من المحنة الّتي أصابته من نظامه الّذي كان الأولى به أن يوجّه سلاحه نحو العدو الإسرائيلي المحتل للأرض والمقدّسات، لا أن يكون هذا السلاح مسلّطا على المدن الآمنة، وعلى الشعب الّذي صبر وصمد ليكون نظامه في خدمته، لا في قهره وقتله.
لقد كانت مواقف خادم الحرمين الشريفين، استجابة واضحة من المملكة وقيادتها لاستغاثات ونداءات هذا الشعب العربي الأصيل في الشقيقة سورية.