ليست المرة الأولى التي يحتجب فيها الإعلام المصري عن الصدور. فهذا التقليد قديم، قدم الديموقراطية التي عرفها الشعب المصري، ولم تستطع عوامل الزمن أن تنتزعها منه، أو تغير من مفاهيمه، رغم كل أنواع القمع التي مورست بحقه، قديما وحديثا.

هي المرة السادسة في تاريخ مصر التي تحتجب فيها الصحف. كانت أولاها في 1914 وآخرها في 2007 في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

فنقابة الصحفيين المصريين، كانت وما زالت الملجأ الذي يتظلل بفيئه كل مظلوم، وباتت مقرا لكل من ثار على ظلم في بلاده، وليس في مصر فقط. تعقد فيها المؤتمرات، وتنبثق عنها اللجان، وتخرج من غرفها وقاعاتها التوصيات.

منذ يومين كانت مصر بدون صحافة، وإن صدرت بعض الصحف المسماة قومية أو التي تضرب بسيف السلطان، واسودت شاشات الأقنية التلفزيونية التي انتشرت في مصر بعد الثورة، كدلالة حزن على ما ينتظر هذه الوسائل إذا ما أصبح الإعلان الدستوري بصيغته الأخيرة دستورا للبلاد.

لم تعلق الرئاسة المصرية على احتجاب الصحف، ولا على اسوداد الشاشات، وكأن ما جرى ويجري في مصر، أمر لا يخصها، وأن الملايين التي نزلت إلى الشوارع والساحات احتجاجا على الإعلان الدستوري، أو تأييدا له، تحاكي أشخاصا من غير كوكب. كل ما يهم الرئاسة أن لا تتخطى الجماهير سور قصر الاتحادية الذي بات شبيها بقصور الرئيس السابق، وهو ما رفضه الشعب المصري بالتأكيد، بعد ثورته المجيدة.