خمسة ملايين ونصف من البشر يعيشون بيننا بطريقة غير نظامية، ويقال إن حملة تفتيش تقودها وزارة الداخلية وجهات أخرى سوف تستهدفهم قريبا.
لا أدري كيف ستتم محاصرة هؤلاء ومن ثم كيف سيتم إخراجهم من البلاد، وكم ستستغرق العملية، وكم ستكون نسبة نجاحها، وهل مؤشر الجدوى سيكون عاليا أم سيكون كحال تجارب سابقة مشابهة تضيع فيها الثمار أمام قوة شفاعات أصحاب النفوذ ليحضر المشهد المألوف المتمثل في دخول المخالفين إلى أماكن التوقيف من باب وخروجهم من باب آخر؟!
العدد كبير ومخيف والمراقبون يكادون يقسمون أن الرقم الفعلي للمخالفين أكبر من المعلن عنه؛ كونه يتراكم منذ عقود دون أن يلتفت إليه أحد ودون أن تتوافر أي مبادرة جادة لمحاصرته، بل هو يزداد عاما بعد عام، وبنسب عالية، فهو رقم مسكوت عنه رغم مخاطره على أمننا.
وإذا كان الرقم بهذا الحجم فإن الكثير من علامات الأسئلة تجاه الكثير من الظواهر والقضايا في مجتمعنا بات لها إجابات.
هؤلاء كيف يأكلون وكيف يشربون، وكيف يعالجون وأين ينامون، وما حجم ضغطهم على البنية التحتية الخدمية، ثم أليس لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالسرقات، والمخدرات، والجرائم، والتزوير، والغش، والتحايل، والقتل، والدعارة، وتصنيع الخمور، ومزاحمة المواطنين في لقمة عيشهم؟
السؤال الكبير الذي لا إجابة له كيف يتمكن هؤلاء من الدخول إلى بلادنا ومن ثم كيف يتسنى لهم البقاء دون رقيب ودون حسيب، ومن المسؤول الأول عن هذه الكارثة التي تهدد أمننا واقتصادنا وصحتنا؟
في ظني أنه لن تنجح أي حملة لمعالجة مثل هذه القضية ما لم يتم القضاء على المسببات التي منذ صغرنا نسمع عنها ولم نسمع أي حل لها.
لنبحث عن المستفيد من بقاء هؤلاء بيننا والتستر عليهم أو عدم اتخاذ خطوات جادة لمعالجة وضعهم إن كنا عازمين فعلا على وضع حل لهذه القضية أو الحد منها، وإلا فإن جهود الداخلية ستنتهي كما قلت عند باب يدخل منه المخالف إلى مراكز التوقيف ومن ثم يجد أمامه بابا آخر يخرج منه ليعود لنفس مكانه الذي قبض عليه فيه!