أجزم أن جمهور القنوات الشعبية سيتخلى عنها خلال شهر رمضان المبارك، فأمام هذا التنافس الكبير بين القنوات الفضائية المختلفة؛ وأمام ذلك الازدحام الشديد بين الأعمال الفنية والبرامج المنوعة التي جاءت حصيلة عمل المنتجين لعام كامل، والتي قد تنال الرضا والقبول من المشاهد وربما العكس؛ جاءت معظم القنوات الشعبية خارج حلبة المنافسة؛ لكونها لم تستوعب أهمية تغيير خارطة برامجها لتتواكب مع خاصية شهر رمضان الكريم.

في ظل سياسة الفضاء المفتوح، وقدرة كثير من المنتجين والقائمين على القنوات الفضائية المنافسة على امتلاك عناصر التأثير على المشاهد وجذبه إلى أعمالها، والتنافس بضراوة لتحقيق الريادة، جاءت القنوات الشعبية وجميعها سعودية في آخر القائمة.

كان يفترض أن تكون هذه القنوات، وقد تخصصت في الفنون الشعبية والتراث منار إشعاع للتراث الشعبي بمختلف أنواعه، لتجذب المشاهدين إلى تراث وطنهم، وتنافس الفضائيات الأخرى بصنع أعداد مميزة خاصة تعنى بالتراث والموروث الشعبي، وألا تقصر برامجها على المحاورات الشعرية التي لم تعد تثير اهتمام جمهورها من المشاهدين.

في رمضان المشاهد لن تجذبه، ولن تستهويه المحاورات الشعرية، والقصائد، والشيلات التي تبثها القنوات الشعبية طوال العام حتى سئم منها، ولن تجذبه أيضا البرامج الدعوية المسجلة التي يعاد بثها بالاتفاق مع قنوات فضائية أخرى، فهو بالطبع يبحث عن برامج مختلفة، من هنا تبرز أهمية البرامج الوثائقية التي تحكي تراث الوطن، وموروثاته ؛ فهي أنجح البرامج التي تجذب المشاهد، وتخاطبه بلغة خاصة.

قد تكون المشكلة الكبرى التي واجهت معظم القنوات الشعبية هي ندرة الكفاءات الإدارية، والفنية، والإعلامية المتخصصة في إنتاج برامج التراث الشعبي، وإدارتها، والتي تحمل فكرا إبداعيا، فلجأت إلى غير المتخصصين، وتدخل ملاك بعض القنوات الفضائية الذين تنقصهم الخبرة والفكرة في إنتاج برامجها، فجاءت معظم البرامج تسجيلات لحفلات وبرامج باهتة لا ترقى لذائقة المشاهد. أخيرا لا شك أن التأثير بالصوت والصورة، صناعة باتت تنافس الكلمة، ولعبة لن ينجح فيها إلا من تيقظ وفطن، ولكي تلحق القنوات الشعبية بركب المنافسة، وتصنع التأثير المطلوب في المجتمع يجب أن تغير سياستها في التعامل مع البرامج، وتدرك جيدا حرفية الإعلام، وإلا لن يكون هناك فرق ما بين تلك القنوات، وأجهزة الفيديو التي تبث المحاورات المسجلة محاورة تلوى الأخرى على مدار الساعة.