أحمد عبده ضعافي

جازان


استثار فضولي الحملة الشرسة التي شنت ضد مسلسل (عمر) -رضي الله- مطالبة بوقف عرض المسلسل، وتلاطمت برأسي أمواج تساؤلات عنيفة عصفت برأسي واستفزتني للبحث عن إجابات سريعة وافية شافية. ما الذي أحاط به علمًا الممانعون لعرض المسلسل ولم نحط بعلمه؟. ما وراء أكمة تلك الحملة من أسباب دعت من تزعموها ونحوا منحىً معاكسًا لرغبة الكثير مشاهدة المسلسل في العالم العربي والإسلامي؟. مع علمهم بأنه لا يوجد نص شرعي ولا حكم فقهي يحرم تمثيل شخصية الصحابة ومنهم الفاروق (عمر) -رضي الله عنه- يتعلقون بأستاره ويقتفون أثره في إقناعنا بصحة رؤيتهم ومنطقية حملتهم التي كانت سببًا مباشرًا في أن يحظى المسلسل بهالة إعلامية واحتلاله مساحة إعلانية واسعة، واستئثاره باهتمام شريحة كبيرة في المجتمع، باعثة فيهم الرغبة والحرص على مشاهدة المسلسل الذي افتعلوا منه قضيةً من لا شيء، عليه فقد عكفت متابعًا لأدق تفاصيل حلقات المسلسل وأحداثه كبيرها ودقها، وقارئاً نهمًا لجل ما كتب عن المسلسل في الصحافة الورقية والإلكترونية، علِّي أجد مبررات منطقية لحملة الممانعين. وأدركت يقينًا بأن للدعاية والرأي العام سيكولوجية خاصة وأثرًا عميقًا ودورًا بالغًا في تكوين الاتجاهات الإيجابية أو السلبية لدى الأفراد والجماعات تجاه موضوع معين وقضية بذاتها، وبرأيي الأمر بالغ الخطورة حينما ينساق الكثير من العامة- بهذه السهولة- وراء تلك الهجمة. وخلصت إلى حقيقة بأن أولئك الممانعين الهلعين من كل جديد، الرافضين للخروج من جلباب التقليدية والإذعان للمألوف. وقد قيل قديمًا الناس أعداء لما جهلوا، والجاهلية ليست حقبة من الزمن ولت ومضت وكانت حكرًا على صناديد العرب وكفار قريش الذين أقبلوا بخيلهم ورجلهم وعدتهم وعتادهم على النبي صلى الله عليه وسلم ليمنعوه و يثنونه عن إخراجهم من ظلمات الجهل إلى نور الإسلام ومن عبادة الأصنام إلى عبادة العليم العلام سبحانه وتعالى. بل إن الجاهلية طريقة تفكير وثقافة تطل برأسها مجددًا وستفعل لاحقًا طالما بقي أناس مستمسكين بعراها، رافعين للوائها ضد كل ما هو خارج عن المألوف ولو كان فيه خيرهم ونفعهم و لا يتعارض مع سماحة وأحكام دينهم الإسلامي. أعود للمسلسل القضية مشيرًا إلى تحقيق أجرته قناة العربية في بعض الدول الإسلامية ومنها إندونيسيا وتركيا، أفاد من خلاله المستطلعون بأنهم وجدوا في المسلسل مرجعًا تأريخيًا، ورافدًا علميًا خصبًا لسيرة الفاروق (عمر) -رضي الله عنه- وجدوه مادة علمية توثق لحضارة إسلامية بلغت أوجها في عصر - عمر بن الخطاب- ووسيلة تربوية وتعليمية وتثقيفية ناجحة تستثمر حاستين مهمتين (السمع والبصر) في عملية التعلم ومستفيدة من البعد الزماني والمكاني اللذين عاش فيهما الفاروق -رضي الله عنه- ودورهم في تحقيق الأثر التربوي والتعليمي لدى أبنائنا وبناتنا. وإني فوق ذلك كله لأجد ريح إيجابيات تربوية عميمة أجراها المسلسل بإذكاء الأخلاق العربية الأصيلة من الصدق والوفاء وصون العهود والمواثيق، وجسّد حقيقة مكارم الأخلاق التي جاء بها الإسلام التي كانت بعد-عون الله وتوفيقه- سببًا رئيسًا في نشر الدعوة الإسلامية وتحقيق الفتوحات وتشييد الحضارة الإسلامية. والأهم من ذلك كله أن يسهم مسلسل (عمر) رضي الله عنه في تقديم الصورة الحقيقية لسماحة الإسلام وصلاحية قيمه ومبادئه لكل زمان ومكان. أخيرًا أقول: كفى أيها الممانعون هرفًا وضجيجًا وتخندقًا وحربًا على كل ما هو جديد نافع ومفيد، اِاذنوا لأنفسكم بمعرفة الجديد وقفوا على حقيقته إيجابًا أو سلبًا ،خذوا نافعه واتركوا ما كان عكس ذلك، لِمَ تضيقون واسعًا أحله الله تعالى وجعل فيه فسحة لكم؟.