"لستم الوحيدين يا أهل الصحافة من يقرأ.."!
قالها لي ضاحكا وهو يجيب على تساؤلي عن مصدر تلك الكتب المهمة التي تحويها ذاكرة إلكترونية ـ المعروفة بـ"الفلاش" ـ أخذتها منه لنسخ صورة ما، كنت أحتاجها، ففوجئت بكم من الكتب الإلكترونية لافتة العناوين والتنوع بين التاريخ والفكر والأدب. سألته من أي أتيت بها؟
قال: هذه من أحد الزملاء المحترفين في جمع الكتب الإلكترونية وتوزيعها على الجميع مجانا.
وبعيدا عن قضية حقوق الملكية الفكرية لهذه الكتب ومدى أحقية أحدهم في نسخ كتب محملة على صيغ إلكترونية، فهذه قضية أخرى، لها طرق حل قانونية إن طالب صاحب أي كتاب أو دار نشر بحقه؛ فإن ما يلفت النظر هنا هو الأسلوب المتبع في تنمية القراءة ونشر المعرفة عبر الوسائط الإلكترونية.
فمع أن هذا الموقف حصل قبل أكثر من عام إلا أن خبرا نشر أمس في "الوطن" تحت عنوان: "كوادر نسائية تدير المكتبات العامة"، وذلك في إشارة إلى فتح أقسام نسائية في المكتبات العامة، أعاد الموقف السابق ذكره إلى ذهني، لأن الحديث عن المكتبات العامة وظروفها ووسائل تطويرها، حديث دائم في الأوساط الثقافية المحلية.
الحق أن فتح أقسام نسائية خطوة مهمة جدا ومطلوبة منذ زمن، ولعل ما أخرها هو العديد من العقبات التي يعرفها الجميع ومنها ضعف المخصصات المالية للمكتبات العامة. ولكن التصريح المهم لوكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور ناصر الحجيلان حول إطلاق حزمة من التحديثات في آلية عمل المكتبات العامة وزيادة دعمها وتفعيل دورها بشكل أكبر؛ يجعلنا نتفاءل خيرا في انطلاقة جديدة. ولعل ما ذكر على لسان الدكتور الحجيلان حول "تحويل المكتبات إلى رقمية" هو النقطة الأهم التي أود الإشارة إليها عندما أوردت (أعلاه) قصة صاحبي مع الكتب الإلكترونية. ففي رأيي أنها العمل الأهم الذي يجب أن تتبناه وزارة الثقافة والإعلام بشكل أكبر وتضع له إمكانات وخططا عملية وسريعة التنفيذ، تتجاوز من خلالها بيروقراطية وبطء العمل الحكومي المعروف في اعتماد مشروعات مثل هذه. فأقولها وأنا واثق.. لن يعود الشباب والشابات لارتياد المكتبات بشكل مستمر دون أن يتغير نمط العمل فيها ونمط التفكير في دورها، وهذا التغيير يبدأ من تحديث محتويات تلك المكتبات بشكل كامل ودعمها بأحدث الكتب الصادرة منذ أشهر لا منذ عقود مضت. مع التركيز على الحصول على حقوق تحويل كثير من هذه الكتب إلى كتب إلكترونية تباع ولو بأسعار رمزية لمرتادي المكتبات، خصوصا تلك التي يكون عليها طلب مستمر، والأهم هنا هو تخفيف "العقل الرقابي" الذي قد يمنع كتبا تباع بجوار المكتبة. إضافة إلى تخصيص ميزانيات لأنشطة نوعية تقام داخل مباني المكتبات حتى تجذب الزوار لها، فكثير لا يعرف أن هذه "مكتبة عامة" وهو يمر بجوارها يوميا منذ سنوات.