أحمد محمد أبوالخير

خميس مشيط


تابعنا جميعاً بتفاؤل كبير دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للقمة الاستثنائية للتضامن الإسلامي في رحاب مكة المكرمة وفي أيام مباركات من العشر الأواخر من الشهر الفضيل، حيث شرف الزمان والمكان وسمو الأهداف والغايات.

هذه المناسبة المهمة تعقد وسط ترحيب إسلامي كبير، ومباركة وتشجيع من كافة الشعوب الإسلامية في العالم. وسيكون مليكنا هو نجمها المتألق، وستكون المناسبة استثنائية فعلاً من حيث أجندتها وأهدافها.

ومع الظروف العصيبة والأحداث الأليمة التي تمر بها الأمة الإسلامية وتعدد المآسي وتنوعها، وتجرؤ العدو المتربص، فإن كل مسلم ومسلمة في كل ديار المسلمين خصوصاً أولئك الذين يرزحون تحت نيران الاضطهاد، ويعيشون حياة ملؤها الأحزان والنكبات والمآسي والمكدرات، يرقبون هذه القمة بفارغ الصبر وبمنتهى التفاؤل لعلها تكون سبباً بإذن الله في خروجهم من الأنفاق المظلمة والمخاطر المحدقة بهم في كل حين.

لقد ملت شعوب العالم الإسلامي وكلَّت، بل وأصابها الضعف والهزال من أثر الدم النازف من كل أجزائه بسبب الطعنات المتكررة والجراحات الموجعة. ولم يعد ثمة مجال للتحمل، فلقد نفد الصبر وطال انتظار الفرج في ظل الرقاد الطويل لعالمنا الإسلامي الكبير الذي اعتاد على الاكتفاء ببث الإدانات الخجولة بين الفينة والأخرى دونما تحرك فعلي لحلحلة قضايا الأمة المصيرية.

إن هذا الحدث المرتقب بكامل تفاصيله ووقائعه يعكس لنا صدق الانتماء الذي يتمتع به خادم الحرمين الشريفين لهذه الأمة بوجدانه وفعله قبل قوله، والنية الصادقة التي ينطلق منها لنصرة الإسلام وقضايا أهله، منطلقاً من مركزه الريادي بين زعماء العالم الإسلامي ومستشعراً المسؤوليات التي تضطلع بها المملكة العربية السعودية تجاه الأمة الإسلامية كونها قبلة المسلمين ومحجهم ومهوى أفئدتهم وحاضنة مقدساتهم، والآمال التي تعقدها عليه الأمة بأكملها لما يتمتع به من صفات قيادية وإنسانية تؤهله بجدارة لحمل راية هذه الأمة للمضي بها قدماً إلى شواطئ الأمان بإذن الله.

وأود هنا الوصول إلى قضية جوهرية تكاد تكون منسية، وهي قضية الأقليات الإسلامية المضطهدة في العالم، فلقد آن الأوان ومن خلال هذه القمة المصيرية أن يصب قادة العالم الإسلامي جل اهتمامهم للاعتناء والتفطن لهذا الامتحان الخطير والعمل على إيجاد موقف مشرف مسؤول ومخلص على كافة المستويات للوقوف معها في سبيل نيل حرياتها المهدرة وحقوقها المشروعة ونصرة قضاياها المصيرية والطارئة، وأن تتحرك وتستنفد كافة الطرق السياسية للحد من هذه الاستهانة بدم المسلم الذي بات أرخص الدماء في العالم، والخروج بنتائج إيجابية تكفل إعادة البسمة والرضا في وجوه أبناء هذه الأقليات المستضعفة من أبناء هذه الأمة في طول الدنيا وعرضها ممن يرزحون في مواقع شتى تحت ظلم أنظمة مستبدة تمارس فيهم سراً وعلناً دون أي وازع أبشع أنواع الإرهاب والاضطهاد، بدءا من قضية المسلمين الأم في فلسطين ومروراً بالقضايا الأخرى من شرق الأرض إلى غربها، لاسيما قضية مسلمي (أركان) بورما، التي صنفتها الأمم المتحدة بأنها أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم، وعلّلَتْ سبب ما يلاقونه من عنف وعنت وشدة بالتفرقة العنصرية والتمييز الديني ضدهم، وذلك منذ احتلال دولتهم (أركان) من قبل عناصر البورمان البوذية بالقهر وقوة السلاح.

لقد طال صمت العالم عن تضحيات مسلمي بورما المستمرة في سبيل المحافظة على دينهم وهويتهم الإسلامية وأعراضهم، وعن إرهاب الدولة الذي تمارسه حكومة بورما منذ أكثر من سبعين عاماً، وفي هذه الأيام وحيث المحن تعصف بهم مجدداً في مسلسل دموي جديد وانتهاك خطير للأعراض والحرمات والحريات، أعتقد أنه لزم على أبناء أمة الإسلام وقادتهم من خلال قمتهم أن يتحملوا شيئاً من المسؤولية، وأن يسعوا لإيجاد حد لهذه الجرائم الوحشية والمجازر المتكررة التي ترتكب في حق أقلية مسلمة مستضعفة لاحول لها ولا قوة إلا بالله، في بلد يحكمه أغلبية بوذية غاشمة، وبذل كافة السبل السياسية والدبلوماسية، والثقل السياسي والاقتصادي لاحترام حقوق هذه الأقلية وحماية دمها وعرضها ومصيرها، والعمل على احتضان القضية من قبل من أعطاه الله الجاه والقدرة والقوة والسلطان من قادة العالم الإسلامي.