المقارنة بين حياة الآخرين وسلوكياتهم اليومية، وما نعيشه نحن كمجتمع عربي في برنامج "خواطر" الذي يقدمه أحمد الشقيري على قناة MBC مقارنة غير منصفة، فالبرنامج يبحث عن سلوكيات منتقاة وتجارب معينة، ويقارن بين المجتمعات مقارنة تقوم على جلد الذات، والتهكم على المجتمعات العربية.

ليس هذا الحديث دفاعا عن واقع المجتمعات العربية، ولا عدم اعتراف بما وصل إليه العالم الأول من تقدم في التقنية، والعلم، والتعليم انعكس على سلوكيات أفراده، وتعاملاتهم اليومية، ولكن أي مقارنة بين بيئتين مختلفتين يجب أن تكون وفق منطلقات معينة، وأهداف واضحة، وإلا فستكون غير منصفة إطلاقا.

لو أمعنا النظر في مادة برنامج "خواطر" الإعلامية لوجدنا أنها مادة إعلانية تسويقية لصنع برنامج جماهيري رصدت له مبالغ طائلة ليستقطب شريحة كبيرة من المشاهدين، ويقوم على جلد الذات، والاستهزاء بما وصل إليه المجتمع العربي بعد مقارنته بمجتمعات متقدمة في سلوكيات معينة يتم اختيارها بعناية.

ما يعرضه الشقيري في برنامجه يشبه المسلسلات الدرامية التي تقوم على الافتراضية، فهو يختار البيئة المناسبة التي تتواءم مع فكرة برنامجه ليبدأ التصوير، ونقل الصورة التي يزعم أنها المثالية لذلك المجتمع، ومن ثم يبدأ المقارنة بين ذلك المجتمع ومجتمعه المحلي بصورة فيها تهكم، وسخرية، واستعلاء. ولا يدرك المشاهد أن كثيرا مما يعرضه الشقيري لا يمثل واقع الدول التي يزعم أن هذا واقعها، فمثلا الحديث عن واقع التعليم في إحدى الدول الخليجية المجاورة الذي تم عرضه في إحدى حلقات البرنامج قبل سنوات كان في مدرسة نموذجية تم اختيارها بعناية، والترتيب المسبق لتصوير حلقة من داخل مدرسة نموذجية يظهر أن التعليم في تلك الدولة وصل إلى درجة متقدمة لا يمكن أن نصل لها.

الواقع يؤكد أن تصوير الشقيري لحياة الشعوب فيه مبالغة كبيرة، وانبهار غير واقعي بما وصلوا إليه، يقابله سخرية وتهكم بحال مجتمعنا، وهذا أمر يولد الإحباط لدى المشاهد الذي قد ينقم من الحال عندما تظهر له هذه الصورة المنتقاة من حياة الآخرين.

لا ننكر أبدا تقدم الآخرين على مجتمعنا، ولكن لدينا في المجتمع المحلي صورا إيجابية كثيرة لم يتم التطرق إليها، وليت الشقيري الذي ينقل لنا صورا إيجابية من العالم مصحوبة بإيحاءات الإحباط، وجلد الذات، والتهكم، والسخرية، ينقل للعالم بالمثل صورا إيجابية من وطنه.. عن المشاريع الجبارة في الحرمين الشريفين اللذين ينظر لهما جميع المسلمين، ويتمنى الملايين منهم لو أكرمهم الله، وكتب لهم زيارتهما.