قّربت أذني من راديو السيّارة، وكدت أقرّب أذني الثانية، لولا خوفي من أن اصطدم بعمود نور واقف، ويبدو أنه وقف بعد أن كان جالساً على ركبتيه، دون أن أنتبه.

الراديو، كان به برنامج، والبرنامج كان فيه شخصان يحاورهما المقدم، حول قيادة المرأة للسيارة، فاتفق الاثنان ومعهما المذيع فيما يبدو، على أن أكبر مشكلة تواجه المرأة في قيادتها للسيارة، هي في الحقيقة مشكلتان وليست مشكلة:

1 – في حالة حدوث بنشر لا سمح الله، إذ تعجز المرأة بيديها الناعمتين الصغيرتين الضعيفتين، عن استخدام مفك العجل لفك الإطار وتركيبه من جديد.

2 – في حالة وجود تفتيش ذكوري على سيارة تسوقها امرأة، حيث الأمر هنا سيكون خلوة غير شرعية، أو تداخلا في الكلام يعقبه تداخل في المشاعر والأحاسيس لا سمح الله.

قلت في نفسي، طيب في حالة ارتكاب امرأة لمخالفة مرورية، هل ستحسب عليها بنصف المبلغ، على اعتبار أن للذكر مثل حظ الأنثيين، أم أن النوع البشري ليس مهماً في حالة قيادة المرأة للسيارة؟

موضوع قيادة المرأة للسيارة يقودني إلى موضوع قيادة السيارة للمرأة، وهو موضوع من تفجيري الكريم. الذي أتمناه، وربما يتمناه كثر غيري، هو أن موضوع قيادة المرأة للسيارة قادها إلى موضوع قيادة المرأة لما هو أهم من قيادة السيارة. على المرأة أن تفكر في قيادة المرأة إلى التعلم والتثقيف والمشاركة المجتمعية الفاعلة والحقيقية، عليها أن تقود نفسها إلى أخذ مكانتها الوظيفية، وحقوقها الاجتماعية المسلوبة من أنظمة لا تلتفت إليها كمطلقة أو أرملة أو معاقة أو فقيرة أو عاطلة، إلاّ بريالات زهيدة تأتي بعد "دوخة راس" ووساطات. عليها أن تقود نفسها إلى أخذ حقها المسكوت عنه، في التعنيف الأسري، وفي التأطير والخنق الذي تعانيه من العادات التي لا دخل للدين فيها، عليها، أن تقود نفسها إلى نفسها، وأن تطالب بما لها، وأن تعرف ما عليها. على المرأة أن تقود نفسها قبل أن تقود السيارة.