عاشت "أم نواف" مشاكل لاحصر لها مع زوجها والسبب ـ كما تقول ـ أنها تذكر له أشياء كان من الأجدر عدم ذكرها لعلمها المسبق بأنها تزعجه، تقول "في كل مرة أحاول إقناع نفسي بأن هذا الأمر سيجلب المشاكل لي، ولكنني في كل مرة أعاود فعل الشيء ذاته، إلى أن أصبحت متلازمة لدي"، مشيرة إلى أن هذه العادة جلبت لها التعاسة، وتسببت في مشاكل عدة مع من يحيطون بها.

وتضيف أم نواف": "زرت أخصائية نفسية في بلد مجاور، وعندما عرضت عليها حالتي التي دمرتني، ذكرت لي الأخصائية أن ذلك يعرف بمصطلح "التخريب الذاتي"، ونصحتني بمحاولة التعلم من الأخطاء التي أقع بها جراء تلك التصرفات قدر الإمكان، وذكرتني بأن النتائج التي أحصل عليها من ذلك تعد جزءا مهما بمسألة التعلم، وعدم محاولة تكرار ذلك الخطأ، خاصة تلك الأمور التي ما أن أذكرها حتى تتسبب لي في الإشكاليات من قبل المقربين لي".

وعن بعض المواقف التي تسببت في إشكالات لأم نواف جراء تصرفاتها، قالت: "من المواقف إنني ذكرت لوالدتي عدم رغبة زوجي في رؤيتها، الأمر الذي تسبب لي في معضلة بالكاد استطعت التغلب عليها".

تلك الحالة مثال لأشخاص يحاولون التخريب على أنفسهم من خلال أفكارهم، أو ذكر بعض الأمور التي لا يجب أن يذكروها، فما هي الأسباب التي تقبع وراءها؟، وهل تحتاج إلى علاج نفسي؟، وما مدى تأثيرها على الشخص المصاب بها سواء على ذاته، أو المقربين؟

منيرة الهليل تقول: "من الأمور التي تسببت لي في كثير من الاضطراب سواء على صعيد العمل أو في حياتي الزوجية هي أنني دائما ما أذكر ما لا يجب ذكره، وتجاوز الأمر إلى أبعد من ذلك، حيث إنني أقوم بالإيحاء إلى ذاتي بأنني أقل من الأخريات، خاصة عندما أكون في مناسبة فتخطر لي أسئلة كثيرة، وتنغص علي في تلك المناسبة، مثلا عندما التقي بإحدى صديقاتي أقول في نفسي: لماذا هي جذابة أكثر مني؟ أو لماذا لم أقم باختيار الزي الذي ترتديه، وقد رأيته لمرات كثيرة أثناء تجوالي في السوق؟ أو لماذا لا أكون كأختي في حسن تصرفها في إدارة شؤون أسرتها؟"

تقول أخصائية الطب النفسي هدى الحسين إن "التخريب الذاتي عبارة عن إشارات ورسائل يوجهها الشخص سواء إلى نفسه أو للمحيطين من حوله، ويكون الهدف منها فقط التحدي".

وأضافت "هذا التحدي غير المرغوب يتسبب في وقوع الضرر للنفس أو للآخرين، حينما يذكر الشخص ما لا يجب ذكره للآخرين، أو حين يضع نفسه في مقارنة مع الغير، مما ينجم عنه عدم الرضا" مشيرة إلى أن هذا التخريب الذاتي قد يتجاوز الشخص، ويمتد إلى المحيطين من حوله، ويمنع الشخص ذاته وغيره من الحياة الهانئة".

وعن مؤشرات التخريب الذاتي قالت الحسين: "هناك بعض الإشارات للتخريب الذاتي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: التركيز على الأمور السلبية، وترك الإيجابيات، ويكون أولئك الأشخاص شديدي الاستسلام للأوهام والمخاوف التي من شأنها تبديد فرص النجاح".

وعن أهم ما يشعر به الشخص نتيجة هذا الشعور الذي يسيطر عليه قالت: "قد يشعر الشخص بعدم الكفاءة، ويفضل دائما الانطواء، أيضا نجد أولئك الأشخاص من الصعب إقناعهم، ويفضلون الابتعاد عن المناسبات سواء العامة أو العائلية لشعورهم الدائم بأنهم أقل من الغير".

وعن كيفية التخلص من التخريب الذاتي قالت: "كل ما يحتاجه أولئك الأشخاص هو كمية معتدلة من قبول الذات، والثقة في النفس، والرضا بما قسم الله لهم، وهذه العناصر تحمي المرء من المشاعر السلبية، أيضا أن يقف الأشخاص عن الأمور التي لا يجب ذكرها، ومحاولة التفكير فقط قبل طرحها للغير، وأنها قد تسبب الأذى للنفس وللغير".