بالكاد يذكر اسم الروائية والمخرجة السعودية صفية عنبر في عمليات التوثيق والببلوغرافيا، وقليلة هي الحوارات التي أجريت معها على الرغم من توفر إصدارات أدبية لها ما بين رواية وقصة قصيرة ومقالات، وفي الوقت الذي يمكن اعتبارها أول امرأة سعودية مارست الإخراج السينمائي كما ذكرت في حوار أجرته معها "الوطن" عام 2001 وذكرت أنها أخرجت فيلما بكاميرا سينمائية عن الحج.

وقد غيب الموت الكاتبة صفيـة في الأيـام الأخيرة من رمضان الماضي دون أن يتنبـه أحـد إلى رحيـلها حيث قطعت اتصالاتها مع وسائل الإعلام على الرغم من أنها ابنة البيئة الإعلامية فوالدها هو عبدالحميد عبدالقادر عنبر (1906-1971) من مؤسسي صحيفة المدينة وعضو جمعيتها العامة 1383 ورئيس تحريرها فيما بعد حسب موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين، وبقي عضوا في مجلس الشورى السعودي حتى وفاته.

لا يعرف تحديدا تاريخ ميلاد صفية عنبر، لكنها ذكرت أنها ولدت في المنطقة الشرقية حيث عمل والدها معاونا لرئيس ديوان إمارة الأحساء حتى عام 1952.

أصدرت صفية عنبر 10 كتب منها "أوراق مبعثرة من زوبعة العمر" في عدة أجزاء وضم مقالات وجدانية وبوحا عاطفيا اتسم بصيغ تعبيرية تقليدية عموما لكنه عبر بوضوح عن معاناة عميقة وجرح عاطفي.

وصدر لها "عفوا يا آدم" 1986، قصص قصيرة و"وهج بين رماد السنين" 1988 رواية، ثم "جمعتنا الصدفة وفرقتنا التقاليد" 1992، و"افتقدتك يوم أحببتك" 1993 رواية، و"أنت حبيبي لن نفترق معا إلى الأبد 1999، وكان آخر إصداراتها "باسمة بين الدموع" 2001 رواية، يتشابه اسمها مع رواية عبدالسلام العجـيلي "باسمة بين الدموع" التي صـدرت عـام 1995 لكنهما مختلفتـان في المضمون.

من المؤكد أن صفية عنبر شخصية إشكالية ومتمردة، وفي صدر رواياتها "عفوا يا آدم" تظهر هذه الروح المتمردة على التسليم بالواقع، فتشير في إحدى عباراتها إلى "أن المرأة عقل وروح ولكنها ليست سائلا تجبره قوانين الطبيعة على التشكيل في إناء الذي يحاصره"، لكن مصادر ثقافتها كما هو حال كتاب ذلك الوقت كان محدودا، وكان أكثر ما يمكن الحصول عليه من هذه الثقافة هو بعض ما يصل بصورة خفية من إنتاج كتاب مصريين وسوريين خاصة من أدباء المهجر الذي وجد إنتاجهم رواجا في مصر، وحين زارتها "الوطن" في شقتها بعمائر الإسكان بجدة قبل 11 عاما من اليوم، كانت قد قررت التوقف عن الكتابة أو هكذا اعتقدت حيث كان آخر إصدارتها "باسمة بين الدموع" لا يزال في المطبعة ولم تكن لديها مكتبة عامرة كما توقعت، فليس سوى خزانة في غرفة فسيحة استطعت أن أرى اسم إحسان عبدالقدوس ويوسف إدريس من بين القليل من الكتب التي كانت تحتويها.

لم يسعف الحظ صفية عنبر في تعزيز مكانتها الأدبية على الرغم من أنها لا تقل شأنا في تجربتها الأدبية عن مجايلاتها إن لم تكن أكثرهن رومانسية وصخبا عاطفيا.

في مقابلة لها مع صحيفة الثورة السورية في يناير عام 2006 قالت إنها عاشت ما يقارب الثلاثين عاما خارج المملكة، وهذا ما أغنى تجربتها الإبداعية.