مشكلتي ومشكلة الإنسان العربي، أننا طوال العمر نفهم مواضيعنا على الشكل الصحيح، ونمشي دائماً بجانب الجدران، ونقول إن للجدران أذنا تسمع، والحقيقة أن الجدران لا تسمع، وأننا نحن الجدران.. عندما فهمنا تاريخنا العربي المبالغ فيه صح، كبرت أنوفنا وطالت، وصرنا لا نرى شيئاً آخر غير تاريخنا وأنوفنا.

فهمنا (صح) أن لغتنا هي الوحيدة والواحدة في عالم يتكلم عشرات اللغات، وجلسنا نردد ألاّ لغة تعلو على لغتنا، والنتيجة واضحة، فاضحة، ناضحة. فهمنا (صح) أننا أصل الحضارة الإنسانية والعلوم والمعارف، فانتقل العالم إلى الإنترنت وتقنيات اللاسلكي، بينما تفرغنا نحن لحفظ أسماء ابن سينا والرازي و(حافظ) إبراهيم.

فهمنا (صح)، أننا لا نحتاج إلى كتب نقرؤها كي نربي أبناءنا مثلما يقرأ الغرب، فأبناؤنا مؤدبون ربانياً، ثم امتلأت صحفنا بأخبار الجرائم والقتل و...

مشكلتنا الطويلة العريضة، وبالذات في مجتمعنا السعودي، أننا نرى دائماً، أن فهمنا لكل الأشياء هو (الصحّ)، وأن ما عداه هو الخطأ وهو الباطل وهو الإفك.

فهمنا أن الرقابة على الكتاب هي الصحّ، فوقفنا عائقاً بين الكتاب وعقولنا، فحجبنا كتب الغرب، وأبقينا على كتب الطبخ والتراث، فكانت النتيجة أن الغرب قرأنا جيداً، وتجاوزنا بسنوات ضوئية، بينما بقينا نطبخ وننفخ ونقرأ التراث.

فهمنا صح، أنه ما دام المال في أيدينا، فالمستقبل في أيدينا، ونسينا أن العقل أهم من الريال، فصرنا مجرد مشاريع تنموية متخبطة. حتى على مستوى رياضة كرة القدم، عندما فهمنا (صح)، أننا متفوقون آسيوياً، جلسنا نغني (جاكم الإعصار)، فما كانت نتيجة فهمنا الصح هذا، إلاّ أن صرنا ندعو الله أن يظل ترتيب الهند عالمياً، بعدنا، ولو بمرتبة واحدة.

أرجوكم افهموني غلط.