هي رحلة تتطلب شد الرحال، هكذا وصفتها المعلمة "أم رسيل" التي تضطر يوميا إلى قطع 150 كيلو مترا من خميس مشيط إلى ظهران الجنوب حيث تقع المدرسة التي نقلت إليها ضمن حركة النقل الأخيرة، رغم أنها لم تكن من ضمن رغباتها الأولى، ولكنها "لقمة العيش" كما تقول.

رحلة أم رسيل تبدأ قبل انبلاج نور الفجر، وتضطرها كأي مسافر للمرور باستراحات الطرق لتجد في انتظارها سيارات لمعلمات من زميلاتها وقد توقفت لأداء الصلاة، قبل أن تستكمل طريقها راجية الله أن يمر اليوم بدون حوادث لها أو لزميلاتها خصوصا أن نصف معلمات ظهران الجنوب هن من أبها أو خميس مشيط، على حد قولها.

أم رسيل، هي واحدة من عينة من معلمات التعهد اللواتي يدعين أنهن ظلمن بعدم إدخالهن ضمن حركات النقل التي أقرتها الوزارة ونقلت بموجبها مايزيد على 28 ألف معلمة، وذلك بسبب الشرط المجحف الذي اضطررن للموافقة عليه بعدم المطالبة بالنقل ممن عين أعوام 1430 و1431 و1432، ورغم أن الوزارة ألغت هذا الشرط إلا أنها لم تستجب لرغباتهن بأن يدخلن حركة النقل الأخيرة.

المعلمات وحسبما قالت أم رسيل اضطررن للاستئجار في المناطق المنقولات اليها بإيجارات مرتفعة، إضافة إلى تكاليف السائق الذي يوصل للمدرسة وبهذا يكون نصف الراتب قد طار، على حد قولها.

المعلمة لولوة محمد من مدينة جدة ولها معاناة أخرى، إذ تم تعيينها في ينبع على بعد 500 كيلو متر من مدينتها، وهو ما اضطر زوجها للاستقالة حتى لايترك زوجته وابنته، فيما اكتشفت لولوة أن مدرستها المعينة فيها تبعد عن ينبع المدينة 150 كيلو مترا أخرى، وهي عبارة عن مجموعة صنادق حديدية وغرفة المعلمات لايوجد بها إلا فرش في الأرض في غرفة تشبه غرف عمال المشاريع عبارة عن غرفة من الزنك مرتفعة عن الأرض. معاناة لولوة وثلاثين معلمة أخرى تم تعيينهن في مدرسة العشيش تنتظر مبنى لايزال تحت الإنشاء، والوعد قائم بالانتقال العام المقبل أي أنهن مضطرات للبقاء عاما تحت هذه الظروف القاسية.

وقالت لولوة إن إحدى المعلمات اضطرت للدوام أول يوم مع ابنها الرضيع لأنها لم تتمكن من إيجاد حضانة له خصوصا أن توجيههن لم يأت إلا الاربعاء الماضي مما أربك المعلمات. لولوة لم تستطع رفض الوظيفة فقد صبرت تسع سنوات من العمل في المدارس الأهلية حتى تنال الوظيفة التي تشد إليها الرحال وحالها حال كثيرات حلمن بالوظيفة كثيرا.