الكثير من الناس في إيران عاطلون عن العمل، وبعضهم من أقربائي. عندما أسأل بعضهم عن سبب عدم بحثهم عن عمل أتلقى دائما نفس الجواب: وأين العمل؟

ربما نصف العاطلين عن العمل تقريبا خريجون جامعيون على الأقل.

الوظائف الحكومية كانت في أواخر الستينات تعني حياة مريحة وراتبا تقاعديا مجزيا بالإضافة إلى فوائد أخرى عديدة. اليوم، الوظيفة الحكومية في إيران وحدها تعني المجاعة. إذا أراد شاب الزواج فإن فرصة قبول أهل العروس طلبه تكون ضئيلة في حال كان موظفا لدى الدولة، لأنهم لا يريدون أن تعيش ابنتهم حياة فقيرة بعد الزواج. أما إذا كان كل من الزوج والزوجة يعملان فإنهما بالكاد قادران على تلبية الحاجات الضرورية للبيت.

كنت أتحدث مع صديقتي التي تعيش في الولايات المتحدة منذ أيام، وأردت الاطمئنان على أحوال شقيقها الذي يبلغ 30 سنة من العمر في طهران. قالت لي إنه عاطل عن العمل وليس لديه دخل. في كل مرة تسأله والدته: متى ستتزوج؟ يكون رده: عندما أجد عملا.

أبناء عمومتي، ثلاثة شبان تتراوح أعمارهم بين 24 و 30 عاما، يعانون من نفس المشكلة. أحدهم حصل على عمل بدوام جزئي في محل لصنع الستائر والآخر انضم إلى ميليشيا الباسيج المحلية في منطقتهم. قالت لي والدتهم إن انضمام ابنها إلى الباسيج وفر له على الأقل إمكانية استخدام النادي الرياضي مجانا. لكن عائلة أبناء عمومتي تعتبر محظوظة، لأن الشباب حافظوا على أخلاقهم الحسنة. كثير من الشباب العاطلين يتحولون إلى مدمنين على المخدرات. بحسب إحصاءات رسمية، تعتبر إيران من الدول التي ينتشر فيها الإدمان على المخدرات بسرعة كبيرة، خاصة بين الشباب. الاقتصاد السيئ واليأس والضغوط الكثيرة من قبل الحكومة هي الأسباب الأهم لتزايد أعداد المدمنين على المخدرات.

الزواج يتطلب العثور على عمل، والعثور على عمل صعب في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، ولذلك يكون الشباب عرضة لتجار المخدرات الذين يستغلون ظروف الشباب لدفعهم إلى الانحراف.

وما يزيد الطين بلة أن الشعب في واد، والنظام في واد. ففي الوقت الذي يخشى فيه المجتمع الإيراني على أبنائه من متاهة المخدرات، كل ما تفكر فيه الحكومة حاليا هو الانتخابات المقبلة.

لا يمكن إصلاح الاقتصاد بين يوم وليلة. العقوبات الدولية على إيران بسبب برنامجها النووي أضرت بالاقتصاد الإيراني كثيرا، وليس هناك أمل في المستقبل المنظور بحدوث أي تغييرات. الحكومة يجب أن تشعر بالامتنان، لأن الإيرانيين لم ينزلوا إلى الشارع للاحتجاج على الوضع الاقتصادي والتضخم. ربما لهذا السبب يعتقد المراقبون أن الاقتصاد سيكون المحور الأساسي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية القادمة في مايو، ولكن هل يمكن أن يحدث أي تغيير حقيقي على الاقتصاد قبل الانتخابات؟ الحكومة تحاول أن تجد بعض الحلول السريعة، والإعلان الأخير الذي أطلقته عن نيتها توظيف نصف مليون شخص في كافة أرجاء البلاد للعمل في مكاتب المحافظات هو أحد هذه الحلول السريعة. كما أعلن الرئيس أحمدي نجاد أن 1500 شخص سيتم توظيفهم في المكتب الرئاسي. الأعضاء المحافظون في البرلمان رفضوا هذا الإعلان وقالوا إن التوظيف بهذا الشكل الجماعي يرهق ميزانية الحكومة، خاصة أنه غير مخطط له، لكن الرئيس أحمدي نجاد يصر على القيام بهذه الخطوة التي يبدو واضحا أن الهدف منها هو إرضاء الشباب.

إذا نجح الرئيس أحمدي نجاد في توظيف هذا العدد الكبير من الشباب فإن ذلك سيكون له تأثير على نتائج الانتخابات القادمة بالتأكيد. توظيف نصف مليون مواطن سيحسن الظروف الحياتية لعائلاتهم بالتأكيد، أي أن حياة 2-3 ملايين مواطن ستتأثر بالتأكيد نتيجة لذلك، وهذا ليس رقما سهلا ويمكن أن يحدث تغييرا في الانتخابات الرئاسية القادمة.

ولكن إذا كان المرشد الأعلى للثورة يعتقد فعلا أن الشعب الإيراني سيشارك في الانتخابات بأعداد كبيرة إذا استمر الوضع الاقتصادي على ما هو عليه الآن فإنه أبعد ما يكون عن الواقع. النظام لا يحب أن يبدي أي مرونة حول البرنامج النووي ويشجع الشعب على المقاومة. بعد إنفاق المليارات على مدى سنوات طويلة على المنشآت النووية، لا يعرف أحد إذا كانت إيران قد تمكنت من تحقيق أهدافها من البرنامج أم لا. الحكومة تقول إن الغاية من التكنولوجيا النووية هي الحصول على مصدر رخيص ونظيف للكهرباء. ثمن الكهرباء ارتفع كثيرا لدرجة أن القليلين فقط يتمتعون بفوائد هذه التكنولوجيا.

يعتقد الكثير من المراقبين أنه يجب حل قضية المحادثات النووية قبل الانتخابات الرئاسية وآخر موعد لذلك هو شهر مارس. وإيران دولة عودت العالم على المفاجآت. لا يمكن مطلقا توقع ما يمكن أن يفعله الشعب الإيراني. ربما يقررون مقاطعة الانتخابات إذا لم يحدث شيء يمكن أن يحفزهم على النزول للإدلاء بأصواتهم. وإذا وجد الإيرانيون في مايو 2013 سببا يدفعهم سواء إلى دفع مرشح معين أو إلى منع مرشح معين من الفوز، فأنا متأكدة أنهم لن يكونوا سلبيين ولن يترددوا في المشاركة بشجاعة في الانتخابات القادمة.