يواجه الاقتصاد السعودي عددا من التحديات الهيكلية التي لم يسبق له أن واجهها على مر الأزمات الاقتصادية المحلية والعالمية السابقة. فعلى الرغم من أن الخطط الاستراتيجية الخمسية دأبت على التركيز على ضرورة تنويع القاعدة الاقتصادية، إلا أنه مازال يعتمد بشكل كبير وأساسي على تصدير النفط الخام وصناعاته البتروكيماوية. ولم يكن هذا الاعتماد الكبير على النفط كمصدر رئيس للدخل في الميزانية يشكل تحديا لولا الزيادة المطردة في أعداد السكان.

فمن المتوقع أن يصل عدد قاطني المملكة في عام 2050 إلى ما يقارب 50 مليون نسمة، الأمر الذي سيمثل عامل ضغط على موارد المملكة من الطاقة والمياه بشكل رئيسي.

لأن تزايد عدد السكان سيعني بالضرورة زيادة الاستهلاك المحلي للطاقة، حيث مازال الأفراد هم أكبر شرائح استهلاك الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى تحلية المياه التي ستتزايد الحاجة إلى كميات أكبر منها تفاعلا مع الزيادة السكانية. كل هذا سوف يحد من قدرة المملكة على الاستمرار بتصدير النفط بالمستويات الحالية نفسها.

من هنا يساهم التأسيس لصناعات ثقيلة وتوطين الصناعة، أو حتى تجميع المنتجات الاستهلاكية المستوردة في تنويع موارد دخل المملكة وتخفيض الضغط على العجز في الميزان التجاري غير النفطي، مما سيخفض من نسبة البطالة ويرفع من معدل دخل الأسرة السعودية.

ولكن هذه الصناعات ليست ذات ضرورة ملحة يترتب عليها أمن المملكة الاقتصادي واستمرارها في دورها كدولة رائدة في المنطقة. فالاستمرار بتوفير الطاقة الكهربائية والمياه المحلاة بالطريقة ذاتها في العقود المقبلة سوف يستنزف موارد الدولة المالية التي ضمنت لها الاستقرار الاقتصادي في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية.

ولا يمكن الاعتماد على الارتفاع المستمر في أسعار النفط، فالدول الصناعية الكبرى في الغرب تحاول جاهدة التحول عن الوقود الأحفوري لصالح أشكال أخرى للطاقة ليست بالضرورة صديقة للبيئة، إنما متوفرة على أراضيها.

إذن السعودية بحاجة إلى اعتماد تطوير تقنيات جديدة من أجل المستقبل. بداية هذه المبادرة كانت في دعم خادم الحرمين الشريقين لتقنية النانو، والتي تم ابتعاث الكثير من طلبتنا لجلب تطبيقاتها إلى أرض الوطن.

وباستخدام وتطوير هذه التقنية، يمكن الوصول إلى ألواح سليكون أقل تكلفة وأعلى في إنتاجيتها للكهرباء من الطاقة الشمسية. ثم جاءت كاوست لتدعم البحث العلمي، فيمكن استخدام مرافقها لإنتاج تقنية المستقبل، تلتها مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية، التي وقعت اتفاقيات تفاهم مع فرنسا الدولة الرائدة في مفاعلات الكهرباء النووية. كل هذه المبادرات مهمة ولكن ينقصها التنسيق والتغلغل في بيئة الأعمال السعودية. لأن نقل التطبيقات من المعامل إلى الحياة العملية بحاجة إلى إشراك القطاع الخاص في تأسيس منشآت تجارية تعتمد هذه التقنيات المستقبلية.