بكل هدوء، حملت حقائبها دون أي محاولة لجلب الضجيج الإعلامي، وتوجهت إلى مصر ومنها إلى قطاع غزة المحاصرة في فلسطين، وحين وصلت إلى ذلك الحد الفاصل لتدخل إلى غزة وهي في غاية الفرح، أنزلت تغريدتها بتويتر مع صورة "أخيرا تحقق الحلم.."، ثم تبعتها بأخرى لاستقبال أيتام غزة، فكانت بهذا أول امرأة سعودية تدخل فلسطين.

إنها لجين عمران، الإعلامية السعودية مذيعة برنامج "صباح الخير يا عرب" على قناة MBC1، وذلك لأداء دورها كسفيرة لمنظمة الإغاثة الإسلامية، وكإعلامية تُصور برنامجها، وتلتقي بأهالي الأسرى الفلسطينيين المعتصمين، وهذه بحق هي رسالة الإعلامي الناجح، لا تحده حدود الأستوديو، ولا تلهيه الشهرة عن قضايا الإنسان المصيرية، وتجربة الزميلة هذه لم تكن الأولى، فقد فاجأتنا سابقا بذهابها إلى كينيا والصومال، اللتين تعانيان من حروب أهلية ومجاعة وأمراض؛ لتسليط الضوء على ذلك الإنسان هناك، الذي أنهكه الجوع والحرب، دون أن تخشى على حياتها وهي تضع قدمها في منطقة خطرة، لتؤدي دورها الإنساني والإعلامي بكل هدوء دون متاجرة بقضية إنسان ذهبت إليه.

زيارة الزميلة العزيزة لجين لقطاع غزة بصراحة شديدة احترمتها كثيرا، لصدق هدفها الإنساني والإعلامي الذي ابتعد عن ضجيج الإعلام والمتاجرة بقضايا الإنسان وهمومه، ولهذا تذكرت معها ذلك الشيخ الداعية المولع بالفلاشات أينما حلّ، صانعا شهرته من القضايا المثيرة للجدل، ويبدو أنه أراد زيادة نسبة الإعلانات لبرنامجه، حين أعلن أنه سوف يصورها من داخل القدس، ويحقق بذلك التصريح خبطة إعلامية أثارت الجدل في الصحف ووسائل الإعلام في العالم، وزادت شهرته أضعافا، عبر متابعة أخباره طوال فترة انتظار تلك الحلقة "الضجيج"، ليفاجئ العالم بعد ذلك أنه يصورها من الأردن، وربما بعضكم سيتذكر الشيخ ناصر العمر، أول داعية سعودي يصل إلى غزة، وقد خطب في المسجد العمري خطبة الجمعة، وهو موقف نبيل ومهم منه يستحق التقدير والدعم، لكن الرابط بين لجين والشيخ الإعلامي الذي تذكرته مع زيارتها لغزة أنهما ينتميان للعمل الإعلامي، فكانت المقارنة مستحسنة، لندرك الفرق جيدا في المهنية الأخلاقية للعمل الإعلامي تجاه قضايا الإنسان، وكيف يكون الضجيج أكثر قبحا حين يتاجر بقضية.

أخيرا، لجين عمران، مصدر فخر لكل الإعلاميات السعوديات، بما أنجزته في مسيرتها وبزيارتها الأخيرة لفلسطين وقبلها للصومال، والتي أحلم أن أزورهما وأحتضن أطفالهما يوما، وقد أعطت بما قامت به صورة للنموذج الأخلاقي للإعلامي الذي نريد، وقد أفلحت فعلا منظمة الإغاثة الإسلامية حين اختارتها سفيرة لها، فكم لدينا من سفراء للإنسان لا يبرحون مكانهم، ولا يتوقفون عن المتاجرة بألقابهم لصناعة أسمائهم دون خجل على حساب هذا الإنسان.