ما يحدث الآن في الشقيقة مصر يثير الاستغراب ويحير أي متابع محايد لمخالفته طبيعة المصريين السمحة والتوافقية. فلا أحد يعرف ماذا يريد المعترضون الذين دأبوا على الاعتصام والتظاهر على مدى أكثر من عام. وحتى المعترضون لا يعرفون نهاية النفق المظلم الذي سيصلون إليه بعد أن حولوا التظاهر السلمي إلى عنف وتحريض على قفل الطرق وحرق مؤسسات الدولة وتعطيل عجلة العمل أمام البسطاء!

تتمثل المشكلة في عدم قبول المنهزمين في الانتخابات بقرار الشعب الذي أدلى برأيه في الصندوق. فرغم حصول التيار الإسلامي على أكثر من 60% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستفتاء على الدستور إلا أن بعض الفضائيات المصرية تتجاهل هذه الحقيقة، وتجعل مصر كأنها منقسمة بين أغلبية ليبرالية مسلوبة وأقلية إسلامية محتكرة. وهي بذلك تشعل وتيرة التحريض، حيث تصف مصر وقد وقعت تحت حكم إسلامي متشدد يؤدي إلى تخلفها وتراجع الحياة الحديثة فيها ويعود بها إلى عصر الظلام. وتزيد تصعيدها بفتح المجال للبراليين لكي يحرضوا في برامجها الشعب على الاعتراض والتظاهر بعد كل قرار واسفتاء، غير مبالين بما يسببه التحريض من عنف وتعطيل أمن واقتصاد البلد.

بكل أسف تحولت قامات فكرية وسياسية إلى جنرالات على مقهى "التوك شو" تلون جلدها وتغير كلامها حسب المناخ السياسي، فمرة تعارض وأخرى تسلم لقرار الصندوق.. وفجأة تكيل التنكيل بالرئيس إذا وجدت من يساعدها على احتمال الإطاحة به. وقد جاء رد فعلهم على قرار محكمة مذبحة بورسعيد ليؤكد عدم رضاهم بأي قرار.

الحب العميق لمصر يدفع المراقب ليقول بأعلى صوته لجميع التيارات المعارضة: أنتم تضحون بمصلحة مصر فتعرضون أمنها واقتصادها للخطر، وتضرون بسمعتها. إنه يحز في نفس الوجدان العربي عندما يرى أسماء لامعة تتاجر بمصلحة بلدها وتحرض الغرب عليها.