حسين سالم آل سنان

الجبيل الصناعية


الجميع يعلم أن نظام ساهر وضع للحد من السرعة، وبالتالي سيؤدي إلى المحافظة على أرواحنا فلماذا نساعد بعضنا البعض عندما نلاحظ كاميرات "ساهر" وننذر من خلفنا أو من هو بالجهة المقابلة كي يخفف من سرعته؟ بل وصل الحال بالبعض إلى كتابة لوحة والوقوف بها على الشارع لإنذار الناس بوجود كاميرات "ساهر"! فهل السرعة مقبولة لدينا بعيدا عن كاميرات ساهر؟ هل أرواحنا رخيصة لنساعد على قتلها بقبول السرعة العالية؟ إذا كان الجواب "لا" إذاً أين تقع المشكلة؟

لطالما حيرتني هذه التساؤلات وغيرها، حول هذا التناقض الجلي ما بين المفترض والواقع، المفترض عدم المساعدة على الخطأ وواقع قبوله؟ ولكن عندما يصل الحال إلى تهشيم سيارات وكاميرات "ساهر" مما يجبر الشركة المشغلة للنظام على تحويل السيارات إلى ما يشبه المعتقل أو السجن المتحرك، فذلك يؤكد وجود مشكلة حقيقية وخطأ ما في نظام "ساهر"، علينا البحث عنه ومعرفة الأسباب وحلها، يدعم ذلك انتشار الظاهرة على مستوى المملكة، أي أن الظاهرة لم تختص بها مدينة محددة مما قد يساعد في حصر وتخصيص الأسباب.

إن قيمة الغرامة وأسلوب فرض وتحصيل الغرامة قد يكونان من الأسباب المحتملة؛ كما أن منطقية السرعة المحددة في الشارع الذي تم فيه أخذ الغرامة قد يكون سببا آخر، بمعنى أن إحساس الشخص بعدم منطقية السرعة في المكان الذي سجلت فيه المخالفة سيزيد من حنقه على النظام وعدم قبوله، أضف إلى ذلك كثرة نشر وتوزيع سيارات "ساهر" على الطريق وكأنها تتصيد الأخطاء.

لإصلاح الوضع، أولا: يجب أن تتم دراسة الظاهرة علميا من قبل إحدى جامعاتنا الغائبة عن مجتمعها! ثانيا: التخفيف من الغرامات على المجتمع، الذي يتبع مع الأسف في مؤسساتنا العامة، فعادة ما توجه القرارات والتعليمات دون مناقشة أو دراسة لرأي المجتمع، وما علينا كمجتمع سوى التنفيذ. المفترض أن يتم استشفاف القوانين من أفعال المجتمع، بمعنى راقب المجتمع لتحديد ما هو الطبيعي والمقبول لدى الغالبية العظمى، ثم افرض على الجميع الطبيعي الذي وجدته لديهم وليس ما تراه أنت. كمثال على ذلك لو تمت مراقبة طريق ما ثم وجد أن السرعة الطبيعية لثمانين بالمائة من مستخدمي الطريق هي 90 كم بالساعة، وعلى أساس ذلك تم تحديد السرعة القصوى لهذا الطريق بـ 100 كم بالساعة فهل سيكون هناك رفض من المجتمع لهذه السرعة؟ ثق تماما أنك ستجد رضا ودعم الجميع، والعكس صحيح إذا فرضت عليهم سرعة 70 كم في الساعة حسب رأيك الشخصي. ففي نظري المجتمع كائن حي نمثل كأفراد أعضاءه وخلاياه، وله ثقافته وقوانينه المقبولة وغير المقبولة، وما علينا أحيانا سوى استنباطها!