كشف خبراء في الشؤون الصحية في جدة أمس أن 60% من الأطباء العاملين في القطاع الصحي بالدول العربية مدخنون، وأن 30% من الممرضين ومنسوبي القطاعات الصحية المختلفة من مختبرات وأشعة وخدمات مساعدة مدخنون.
وكشف النقاب أيضاً ضمن جلسات مؤتمر التبغ عن إنفاق المدخنين في السعودية 30 مليون دولار يومياً على شراء السجائر، مما يجعل المملكة تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في استيراد التبغ.
واتفق المشاركون في المؤتمر الذي نظمه مستشفى الأمل في جدة، تحت عنوان "الجديد في معالجة مشكلة التبغ.. رؤى متكاملة"، وافتتحه مدير الشؤون الصحية الدكتور سامي باداود أمس بفندق الإنتركونتننتال، على ضرورة معاقبة شركات التبغ ومافيا الترويج المنتشرة في مناطق المملكة، من خلال إحكام وسائل الرقابة وتشديد العقوبات.
شارك في جلسات المؤتمر أكثر من 500 شخصية فاعلة من وزارات "الصحة"، "الثقافة"، "الداخلية" وعدد كبير من وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
وقال وزير الصحة السعودي السابق، مبعوث المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية للرعاية الصحية الدكتور حسين جزائري في المؤتمر إن آراء الفقهاء توافقت مع تحريم التبغ بإصرار لا يقل ضراوة لدى الأوساط العلمية والأكاديمية، كما أن المنظمات الدولية نادت منذ عقود بالتصدي له وتقليص فرص انتشاره، لافتاً إلى أن الأمم المتحدة اتخذت خطوة أقرها رؤساء الدول والحكومات في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2011، تقضي بمواجهة العدو الشرس وهو شركات التبغ والتي تصنع المنتج الوحيد في العالم الذي يقتل نصف مستخدميه سنويا.
ولفت الدكتور جزائري إلى أن قرار وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبد العزيز الأخير بشأن وضع رسوم تحذيرية على علب التبغ جاء معززا لتلك الخطة. وأشار إلى أن آخر إحصائيات بُلغت بها منظمة الصحة العالمية أظهرت وفاة أكثر من 6 ملايين شخص سنويا في مختلف أنحاء العالم بسبب التبغ أو بسبب أمراض ناجمة عن التبغ مثل أمراض القلب والسرطان والأمراض المزمنة.
وتوافق رأى الدكتور جزائري مع رأى الدكتور عبد الله الشايع مدير إذاعة جدة، الذي أكد لـ "الوطن" أن وزارة الثقافة ستطلق عبارات ومسلسلات خاصة بتوعية فئة الشباب ومنع أي أفلام تبث لقطات مدخنين، وشاركهما الرأي ممثل وزارة الداخلية ووكيل الشؤون القانونية الدكتور عبد الرحمن المخضوب، الذي أكد أن قرار إيقاف التدخين قرار سيادي وهو في صالح الوطن والمواطن، وقال إن تعميم وزير الداخلية صريح وسوف يطبق وفق لائحة الأمانات البلدية، كما ستفرض غرامات على الممتنعين ترفع مع تكرار المخالفة.
وحذر استشاري أمراض باطنية ومدير مركز أخلاقيات الطب بالمركز الطبي الدولي الدكتور محمد البار من ألاعيب شركات التبع، ملمحا إلى أن شركات التبع وحسب آخر إحصائية تتكسب أرباحا طائلة من ترويجها للتبع قدرها 600 مليار دولار سنويا.
وأعطى الدكتور البار مثلا على ألاعيب مافيا التبغ، وقال إن المستشفى التخصصي في جدة رفع قضية على شركات التبغ والوكيل بسبب خسائره الناجمة عن علاج المرضى المدخنين، ومن ثم تم التوصل إلى اتفاق بين المستشفى والأطراف الأخرى يقضي بتنازل المستشفى عن القضية، مقابل بناء برج طبي كبير، موضحاً أن المستشفى أسقط الدعوى والبناء لا يزال سارياً في البرج، وفي ذات الوقت لا تزال شركات التبغ ذات النفوذ تروج منتجاتها المضرة بصحة المواطن. وأضاف أنه هاله ما اكتشفه مؤخراً عن ارتفاع نسبة التدخين بين طلاب المدارس المتوسطة والفتيات الصغيرات بنسبة 30%، في حين تبلغ نسبة التدخين بالجامعات والكليات 60%.
وقال الدكتور البار إن دراسة بريطانية أثبتت أن التدخين أشد ضررا من تعاطي المخدرات، وطالب بمساواة العقوبة بين مروجي المخدرات وبائعي التبغ لتساوي الضررين.
من ناحيته قال مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة الدكتور عبد الحميد الحبيب في حديثه إلى "الوطن" إن قرار وزير الداخلية غير قابل للتراجع وسوف يطبق في جميع الأماكن المحذر التدخين فيها ومنها القطاعات الحكومية والجامعات. وقال إن المملكة تسجل 23 ألف حالة وفاة سنويا بسبب التبغ، مبينا أنه بحسب دراسة أجريت مؤخرا فإن المستشفى التخصصي تكبد ما يقارب 5 مليارات ريال، نفقات لعلاج المرضى المصابين بأضرار التدخين خلال العشرة أعوام الماضية.