سيطرت تساؤلات كثيرة حول دور "الخصوصية" و"الناشط الاجتماعي" في التغيير والحوار المجتمعي، على نقاشات فعالية نظمها ملتقى نجران الثقافي ـ تجمع أهلي مستقل ـ مساء أول من أمس، حيث استمع الحاضرون لمدة قاربت الساعتين إلى الكثير من الهموم الوطنية وسبل معالجتها في ظل اتفاق واضح على أن"سقف الوطن الواحد المتماسك القوي هو المظلة التي يتحرك تحتها الجميع"، حسب تعبير عقل الباهلي الذي حاضر إلى جوار الدكتور عبدالرحمن الحبيب، بورقتين مختلفتين، حيث قدم الحبيب ورقة بعنوان "الخصوصية والإصلاح"، وقدم الباهلي ورقة بعنوان"دور النشطاء في دعم مشروع الإصلاح بالمملكة ".

وبدأ الدكتور الحبيب مشاركته في الفعالية التي أدارها يوسف آل مسعد، بالحديث عما وصفه بـ ( علاقة التعصب المطلق للماضي والتاريخ بمفهوم الخصوصية). وطرح عددا من الأسئلة حول علاقة العادات والتقاليد الاجتماعية بمصطلح "الخصوصية"، حيث وصل إلى أن" المبالغة في الدفاع عن الخصوصية تحول إلى إقصاء أي رأي مختلف وربما تحول إلى تقديس العادات والأشخاص). وأكد الحبيب في ورقته أن الجدل حول مفهوم وحدود "الخصوصية" ليس حكرا على مجتمعنا المحلي بل إنه ظاهرة حتى في مجتمعات أخرى ولكن بصور مختلفة، وضرب مثلا على ذلك بتعصب الفرس أو الأتراك أو الرومان لتاريخ مضى، كان لهم الريادة فيه.

وحاول الحبيب مناقشة مقولة إن " خصوصيتنا تنبع من وجود الحرمين الشريفين"، قائلا : الحقيقة أن الحرمين الشريفين وما حولهما أكثر مناطق المملكة ـ وربما العالم الإسلامي ـ انفتاحا على الآخرين وتقبلا للآراء والاجتهادات المختلفة التي تأتي تحت سقف الدين الإسلامي الحنيف، والدليل أن جميع الطوائف الإسلامية والأعراق الإنسانية تجتمع في هذين المكانين بحب واحترام، فيحصل تثاقف وتحاور بناء منذ صدر الإسلام وحتى الآن " ولذلك ـ والحديث للحبيب ـ فالتضييق على الآراء والتشدد، بحجة خصوصية الحرمين الشريفين حجة غير صحيحة إطلاقا. وأضاف: الحقيقة أن خصوصية الحرمين الشريفين هي نشر قيم الاعتدال والتسامح وقبول الآخر. وأرجع الدكتور الحبيب الارتكان إلى مفهوم"الخصوصية" في رفض أي جديد إلى ما وصفه" ثقافة الانعزال في عقود ماضية قبل الهجرة إلى المدن " وهو ما خالفه فيه أحد المعلقين الذي أكد أن "القرية والصحراء كانتا من أكثر الأمكان تعاونا وتسامحا".

أما عقل الباهلي فتحدث عن ماهية "الناشط الحقيقي الوطني" فقال إنه " الشخص الذي يدافع عن حقوق الناس ضمن إطار القانون وتحت مظلة الوحدة الوطنية". ثم انطلق للحديث عما وصفه بـ" التطور الكبير في مجال حقوق الإنسان في المملكة"، مضيفا "لا يمكن إنكار النقلة المهمة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في ترسيخ مفهوم الحقوق، حيث أصبح الجميع يتحدث في وسائل الإعلام عن حقوق الإنسان وأهمية مراعاتها في جميع المعاملات اليومية". وأضاف" هناك مفهوم مشوش لدى البعض عن دور الناشط، وهو أنه لا بد أن يكون معاديا للسلطة السياسية، وهذا غير صحيح بالنسبة للناشط الوطني الحقيقي الذي لا يبحث عن مصلحة شخصية، فالعكس صحيح. وأكد أن الناشط عندما يتحدث عن قضايا الحقوق فهو إنما" يعبر عن اعتزازه بوطنه وحرصه على إصلاح أي خلل، ولذلك من المهم أن يكون الناشط صادقا ونزيها ودقيقا في نقل أي معلومة".