وليد الكاملي – جازان


أطلق مؤخرا مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني موقعه الإلكتروني التفاعلي الخاص ببرنامج حوارات الشباب (تمكين) وحسب الموقع فإن البرنامج يعنى بمبادرات يقوم بتطويرها وإعدادها شباب سعوديون في مناطق المملكة من الجنسين وبمختلف الأعمار لتعزيز دور الشباب في المشاركة المجتمعية.

مثل هذا الخبر وغيره من الأخبار الصادرة عن المركز الذي هو منظمة وطنية مستقلة تعمل على نشر ثقافة الحوار وجعلها معيارا للسلوك العام في المجتمع السعودي، أو هكذا يجب أن يكون، أقول إن مثل هذا الخبر لم أكن لأعلم به لولا تطفلي على الموقع الإلكتروني، وهنا يجب السؤال: هل يعلم شباب المملكة بهذا البرنامج الخاص بهم أم أنه سيكون نخبويا كغيره من البرامج الأخرى التي تطلقها مؤسساتنا؟ وهل يمكن القول إن ما جاء في الخبر كان نتيجة لدراسة قالت إن الشباب بحاجة لمثل ذلك؟!

لا خلاف على أن استحداث المركز كان خطوة إيجابية وفاعلة، بل ومؤشرا على الاعتراف بحاجتنا الماسة للحوار وتوفير البيئة الملائمة التي لها أن تسهم في تكريس ثقافة الحوار بين أفراد المجتمع ليصبح منهجا للتعامل مع مختلف القضايا وبالتالي اتساع مساحة المشاركة – مشاركة أفراد المجتمع – في كل ما له أن يؤسس لمجتمع حديث ومتقدم.. إلا أن الملاحظ للواقع سيلحظ أن المركز غاب عن تلك الأهداف التي رسمها لنفسه ووقع فيما وقعت فيه العديد من مؤسساتنا التي عول عليها المجتمع الكثير والكثير حيث تحول بين عشية وضحاها لمؤسسة غارقة في البيروقراطية الأمر الذي جعلها تقف مكبلة أمام المد التقني والتكنولوجي الذي أتاح لكافة شرائح المجتمع إدارة شكل الحوار الذي تتبادله فيما بينها دونما أي رقيب أو حسيب أو حتى (شرح) موظف على طلب مواطن بسيط تطلع ذات مرة أن يشارك في هذا الحوار البناء.. فهل استدرك مركزنا الموقر هذه التحولات الجديدة؟!

ولأن الحوار عملية اتصالية تقوم بين طرفين تفضي بالضرورة لنتيجة معينة.. فإن المتأمل لما أفضت له نتائج مركز الحوار الوطني وبجولة سريعة في أخبار الموقع الخاص بالمركز لم يلفت انتباهه أي خبر يمكن القول عنه إنه كان نتيجة حراك دام قرابة العشر سنوات أي منذ صدور الأمر الملكي بإنشاء المركز عام 1424 غير اللقاءات التي تم عقدها والتي ناقشت العديد من القضايا الوطنية الكبرى بدءا بالوحدة الوطنية وانتهاء بالخدمات الصحية، فضلا عن المشاركات في المحافل والمؤتمرات الدولية التي تتعلق بالحوار مع يقيني أنه لو كانت ثمة نتيجة لتصدرت كل وسائل الإعلام وليس صفحة الموقع وحسب.

يذكر أن كافة اللقاءات التي تم عقدها والتي تشكل نواة عمل المركز لم نلمس لها أي دور في بلورة الرؤى الإستراتيجية والتي هي هدف رئيس من أهداف المركز!

ومما لا شك فيه أن الحديث عن مؤسسة تبنت مشروعا حضاريا ونهضويا بحجم مشروع الحوار الوطني يبدأ ولا ينتهي إلا عند نقطة واحدة وهي بكل تأكيد نقطة النتائج التي يمكن من خلالها الحكم على نجاح المؤسسة في تحقيق أهدافها التي رسمتها لنفسها.

أخيرا .. فإنه ومن المؤكد أن المأمول من المركز لا يمكن حصره في نتائج دقيقة وحالات فردية كما يمكن أن يتحجج بعض بذلك نعم لكن المفترض أن تكمن نتائجه – على الأقل – في رسم خارطة الطريق التي لها أن تسهم فعلا في نشر الوعي بثقافة الحوار بوصفها هدفا استراتيجيا قوميا، لا ردة فعل نلجأ لها حين نحاول أن نثبت للآخرين أننا توصلنا للتشخيص وأننا شرعنا في العلاج تماما كما أقرأ الحالة أنا على الأقل.