أنا على قناعة بأن "الوطنية" بمفهومها العميق والحقيقي، هي شعور يدفعك دائماً للنضال ليبقى وطنك الأجمل، مثلما دفع ذلك اليتيم "مانديلا" لأن يقضي 3 عقود من عمره خلف القضبان.. كحال ملهمه "غاندي" الذي عاش عمره ما بين السجون ومحاولات الاغتيال، دون أن يثنيه ذلك عن إيمانه بالوطن.. وقبل كل أولئك كحال صانع وطننا المؤسس الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصين، في كفاحهم لجمع شتات هذه الأرض، وخلق كيان يشعرنا - كل يوم - بمسؤوليتنا تجاهه.

الوطنية، ليست أغنية كاذبة، ولا قصائد جائعة، وتملقاً مهيناً؛ كما أنها ليست قدحاً وطعناً وفتنة من خلف الحجب والحدود.. هي أن تنال قلبك مواجع النضال وأنت في قلبه، شوقاً لرقيه، وإصراراً على بقائه. هي أن تواصل معركة المؤسس ورفاقه، أمام المفسدين والمفتنين الذين غلّبوا مصالحهم على مصلحة الوطن.

أتألم، كحال معظم أبناء الوطن، وأنا أرقب حقيقة "الوطنية" وهي تغرق بين ضفتين.. يقف على إحداهما ثلة من المفسدين من لصوص الوطن، وعلى الأخرى قليل من المفتنين الباحثين عن زعزعة أمن الوطن؛ فيما يضيع الصوت النقي بين تخوين الفئة الأولى الساعية لاستمرار فسادها، وقدح الفئة الأخرى المصممة على إشعال فتنتها. وبالطبع، يقف هناك أيضاً من يؤثر السلامة بالصمت، ويتجاهل كل ما يدور من حوله، دون اكتراث بمستقبل الوطن وأمنه واستقراره.

الوطنية الحقيقية هي أن تصمد أمام هجوم التيارين، فلا تسكتك لعنات أرباب الفساد واتهاماتهم لك بالخيانة والتأليب كلما رفعت صوتك لكشف فسادهم، ولا صيحات المفتنين الذين يوهمونك بفقدان الأمل ويزيفون لك المستقبل بما يوافق أهدافهم. لا أتصور إطلاقاً أن هناك من يحمل في قلبة هم الوطن وأمنه ورقيه، ويبقى كسيحاً دون أن يسعى للحفاظ عليه بكل ما يملك. مؤمنا بأن هذا الكيان سيتجاوز كل مفتن وفاسد، وسيزداد ألقاً ورفعة.