بعد 3 عقود من العمل في قطاع المقاولات الضخمة واستحواذه على العمالة من السوق بعقود التأجير للتصدي لمشاريعه، بدأت شركتا مقاولات عملاقتان بتأجير قرابة الـ 50% من عمالتهما، نتيجة توقف مشاريعهما وتدني أعمالهما في المملكة لصالح منافسيهما في مشاريع حيوية خاصة، ونجحتا في تسجيل عقود إيجار بما يقارب 1600 ريال للعامل الواحد شهرياً، فيما شملت بنود العقود الجديدة شطب مصطلح تأجير العمالة إلى خدمات عمال.

وكانت 6 شركات مقاولات قد وقعت أول من أمس في الخبر والجبيل عقودا للحصول على العمالة لإتمام أعمال التنفيذ في مشاريع حيوية كبرى، تشمل مشاريع نفطية وأبراجا، بالإضافة إلى مجمعين للبتروكيماويات والمعادن.

من جانبه، قال مدير أحد مكاتب التأجير، فهد الدوسري، إن السوق يعاني بشدة من نقص العمالة المنفذة للمشاريع، محذراً من استمرار ضخ المشاريع، خاصة فيما يتعلق بالإنشاءات دون تسهيلات مؤقتة تخص استقدام العمالة لحين انتهاء تنفيذ المشاريع، مشددا على أن مستوى المشاريع وضخامتها يتطلب إعداد عمالة منفذة ومتخصصة، مشيراً إلى أن السوق فعلياً يعاني نقصا في العمالة يقدر بـ 30 %، مقارنة بحاجة المشاريع في كافة مناطق المملكة، وأكد أن شركات المقاولات عادةً ما تطلب عمالة مكثفة في عقود ربعية لتنفيذ ما تبقى من مشاريعها قبل نهاية العام.

وقال توفيق الخالدي مسؤول في إحدى الشركات، " تعد الأسعار الحالية المحددة حاليا للعامل الواحد مناسبة، وضخ عمالة الشركات الكبرى سيسهم في تخفيف حدة أزمة نقص العمالة المطلوبة".

وعن ارتفاع سعر التأجير، زاد " عمالة الشركتين تتمتع بالقدرات الفنية والخبرة الطويلة، مما يعد قيمة مضافة على أداء المشاريع المنفذة". بدوره قال مدير الموارد البشرية في شركة مقاولات كبرى رفض الكشف عن هويته، إن شركته تواجه بعض المصاعب الإدارية والمالية مما يتطلب اتخاذها إجراءات مؤقتة لحين إعادة هيكلة الشركة على مستوى عام. وأضاف أن الشركة فضلت تأجير عمالتها لصالح شركات شقيقة للمشاركة في التنفيذ ونقل الخبرات، بالإضافة إلى ضمان التدفق النقدي لمدة ثلاثة أشهر على الأقل. وعن أعداد العمال الذين تنوي الشركة تأجيرهم، قال المصدر إن الشركة قررت تأجير قرابة الـ 50% من عمالتها في المرحلة الحالية، مضيفاً أن الوضع قد يتطلب تأجير كافة العمالة في المستقبل القريب. ولفت إلى أن شركتين كبريين تمكنتا خلال اليومين الماضيين من تأجير نحو 5 آلاف عامل لشركات أخرى لديها مشاريع ضخمة، مؤكداً أن شركته تجري محاولات لتأسيس شركة مقاولات أصغر حجماً والدخول في تحالف مع بقية شركات المقاولات للمشاركة في تنفيذ المشاريع اعتباراً من العام المقبل. ولم يشأ المصدر التكهن بمستقبل الشركة، مضيفاً أن شركة أخرى عملاقة تواجه نفس الإشكاليات وقررت تأجير عمالتها بما فيها المتخصصة.

بدوره قال المقاول سعيد الهاجري، إن أعمال 3 شركات مقاولات تأثرت تماماً بالتوسعات، بالإضافة إلى العقبات الإدارية التي واجهتها والإفراط في عمليات الاقتراض، مشيراً إلى أن قطاع المقاولات يعد من القطاعات سريعة النمو والانحدار لاعتمادها على المشاريع، واصفاً خطوة الشركتين الكبريين بتأجير العمالة "بالخطوة الموفقة ". وعن تأثير تأجير العمالة على سمعة الشركات وشهرتها، بين الهاجري أن ظروف العمل تتطلب اتخاذ القرارات بعيداً عن العواطف والتعاطي مع الأحداث، مشيراً إلى أن توقيع العقود مع تلك الشركات يعد دعماً لمواقفها المالية. وتابع الهاجري "حجم السوق ومستوى المشاريع يعد فرصة كبيرة للشركات المتعثرة باستعادة مكانتها، لاكتسابها الخبرة ووجود الأنظمة وفريق العمل بما فيها العمالة المدربة والمتخصصة، ولاسيما إن اعتمدت على استئجار العمالة لتنفيذ مشاريعها على مدى 30 عاما".