تعترف "أم محمد" أن العيد قديما كانت له نكهة خاصة وعادات تقليدية تبدأ من فجر يوم العيد، وأن هذه الطقوس بدأت تتغير أمام تطور الحياة واختلاف العادات، فبعض الأسر في الوقت الحاضر لا يحتفلون بالعيد إلا بعد العصر، أو في المساء؛ لأنهم يقضون صباح العيد في النوم"، وتضيف "وعند المساء يذهبون للمعايدة، والبعض منهم يقضي عيده في الأماكن الترفيهية، والسياحية، لذلك افتقدوا فرحة العيد الحقيقية، وهي التواصل والتواد والمحبة وصلة الأرحام".

كان لعيد الأضحى المبارك قديما طقوس تتكرر عادة في أغلب المنازل، وتكون الأضحية هي سيدة الموقف في صباح أول أيام هذا العيد، لكن هذه الطقوس بدأت تخفت قليلا مع مرور الزمن، فبعد أن كانت الأسرة تشرف على عملية الذبح، والسلخ، وتقطيع اللحم، وتوزيعه، أصبحت المسالخ تقوم بهذه المهمة، ففقد هذا اليوم جزء من حميميته المعتادة.

وفي المقابل تؤكد الجدة "أم عزام" أن "مراسم عيد الأضحى المبارك القديمة ما زالت في الذاكرة، ورغم التطور فإن العديد من الأسر ما زالت تتمسك بها، وتبدأ بصلاة العيد، ليأتي بعدها ذبح الأضحية، حيث تجتمع الأسرة كلها لمشاهدة عملية الذبح، ومن ثم السلخ، والتقطيع، ثم تتولى نساء الأسرة إعداد الإفطار.

وتضيف "غالبا ما يتألف هذا الإفطار من خبز مقطع إلى أجزاء صغيرة، ويغرق بمرق، أو شوربة اللحم، بالإضافة إلى "سقط الذبيحة" أي الكبد، أو الرأس، أو الأرجل، إضافة إلى الفريك، أو المبثوث، وخبز التنور، والقهوة، والتمر"، مشيرة إلى أن الأب عادة ما ينطلق بعد الإفطار لمعايدة أرحامه، وجيرانه، وأقاربه.

وتشير أم عزام إلى أن "صلة الأرحام من أهم الواجبات التي ترتبط بالعيد، وفي هذا الإطار يتم إرسال بعض الأكياس من اللحوم إلى الجيران، والباقي يكون من نصيب أصحاب الذبيحة، وعادة ما يقوم رب الأسرة بدعوة جيرانه وأقاربه على وليمة الغداء أو العشاء".

وتعلق أم عزام على الوقت الحاضر بقولها "لم يعد هناك جهد في التعامل مع الأضحية في وقتنا الحاضر في ظل انتشار المسالخ، فنساء هذه الأيام لم يشعرن بالتجربة التي كنا نعايشها قديما وهي الذبح في المنزل، ومخالطة للدماء، وتقطيع اللحم، ومن ثم إعداد الوجبات".

من جهته يذكر عمدة حي الحجون في مكة المكرمة أمجد خضري أن "معظم العادات التي كانت موجودة بين أهالي مكة المكرمة، والتي كانت تمارس في أيام عرفة، وعيد الأضحى المبارك اختفت، مرجعا ذلك إلى أن أبناء الجيل الجديد - في حال لم يحجوا - يفضلون السفر إلى خارج مكة هروبا من الزحام، وطلبا للترفيه لأفراد العائلة، ومنهم من يذهب للأجواء الباردة مثل الطائف، ومن أراد التسوق والترفيه يذهب إلى جدة".

وعن طقوس العيد قديما قال إن "ربة البيت كانت تستعد لمثل هذه الأيام بصنع أنواع الحلويات مثل المعمول بالتمر، والسمسم، والغُريبة، والمكسرات المنزلية، والتي يطلق عليها أهالي مكة "النُّقل"، ويفضلون أكلات معينة مثل الدبيازة، والمقلقل".

وأضاف أن "الناس لا يذهبون لأداء الصلاة في أول أيام العيد في المسجد الحرام إلا وقد اشتروا أنواع الهدايا والألعاب - المعروضة أصلا للحجاج – إلى أطفالهم، ويعودون إلى منازلهم حيث تجتمع العائلة على الفطور المميز بهذه المناسبة.

وأشار خضري إلى عادة قديمة من عادات أهل مكة في العيد وهي الخليص، يقول "في أحد بيوت الحي تجتمع السيدات مع أطفالهن في مناسبة كان يطلق عليها "الخليص"، وترجع التسمية إلى أن معظم الرجال من أهالي مكة يذهبون إلى عرفة إما لأداء الحج أو للعمل، فلا يبقى في كثير من الأسر إلى الأم والأطفال، وتكون هذه فرصة لهن للاجتماع وتبادل أنواع الحلويات، وتناول وجبة الإفطار في أجواء احتفالية بقدوم عيد الأضحى المبارك".