يحيى عمر آل زايد


تنمية الإبداع وتبني المواهب والأفكار وتشجيع الشباب المبدع على العطاء من ركائز التطور ورقي المستقبل الفني والأدبي والفكري، الجامعات لها دور كبير في اكتشاف المواهب، فالكثير جدا من طلاب المرحلة الثانوية يبدعون في إذاعات المدرسة ويشاركون في نشاطاتها الثقافية والأدبية والإرشادية ثم يبدعون في المشاركات الخارجية على مستوى منطقتهم وعندما يتخرجون ويذهبون للسلك الجامعي ترى نارهم قد أُخمدت لأنهم لم يجدوا ما وجدوه في مدرستهم من تعامل واهتمام بالمجال الثقافي بمختلف توجهاته، فبعد أن كانوا ذا فكر تنموي وتقدمي أصبحوا ذا فكر محدود وقتي! وأعيد طلبي الذي ذكرته في مقال بصحيفة الوطن السعودية في يوم الثلاثاء 25 ذي الحجة 1429 العدد 3007 بعنوان: (تجاهل الإنتاج الأدبي للأقلام الشابة قتل لإبداعاتهم) وفيه: (إن كان النشر للأقلام الشابة صعبا ـ لكثرة مبدعينا الصغار في جميع أنحاء المملكة ـ فأقترح أن تعمل مجلة دورية ـ شهريا أو كل شهرين ـ تعنى بالأدب الصغير الناشئ، بالأقلام الجادة الصغيرة. عندما يتم تفعيل هذه الفكرة سترون الكم الهائل من كتابنا الصغار يتهافتون لإرسال مدوناتهم أو أرشيفهم).

لعل الأجدر ممن يعملون دورات صناعة للمواهب أن يعملوا دورات اكتشاف مواهب في جامعاتنا لا صناعتها، فالمواهب موجودة في شبابنا، فلسنا في حاجة لصناعتها بل لاكتشافها، أين دور الأندية الأدبية لدينا؟ هل أصبحت شللية؟ وخوفي من أن تتحول إلى نوادي (إفراد عضلات فكرية)! ونوادي (استعراض للشوارب)!.

حضرت قبل 4 سنوات ونصف السنة أسبوعا للمواهب المدرسية ـ أيام مرحلتي الثانوية ـ على مستوى جميع المدارس في محافظتي حيث نظمت مسابقات لأفضل عرض مسرحي بجانب فن الإلقاء وفن الشعر والرسم والتصميم والإنشاد، اندهشت من كم المواهب المتواجدة فوق ذلك المسرح الصغير، في مختلف المجالات التنافسية، وتساءلت ما مصيرهم عندما يُهمشون بعد تخرجهم من مدارسهم! أين الجامعات التي تستقبلهم وتحتضن مواهبهم، أنا أؤمن بالتخصص ولا أؤمن بتعدد التخصصات إلا في قلة، ولكني أوقن بأن هناك مواهب في تخصصات كثيرة تحتاج لرعاية فربما وجدت نفسها في ذلك الطريق بالقوة أو بالخطأ أو بسوء تفكير، ولا مانع من أن يكون لدي تخصص ولدي هواية، نحتاج من جامعاتنا أن تلتفت لطلابها فلديها الكثير من المواهب، وكفانا اتكاليةً وتجاهلا، وكما ذكرت في المقال السابق الذكر: (حقا نحن شعب مستهلك، غير منتج، لأسباب كثيرة ذكرتها، لا دخل لها بعدم وجود الفكر والإبداع، نحتاج إلى إعادة هيكلة فكرية، إن أردنا تغيير الحال، إن أردنا أن نكون شعبا منتجا، فافسحوا المجال للأقلام الشابة واتركوا تركيزكم على أدباء معينين).

بعيدا عن حقيقة أن دولتنا تنعم بمختلف العقول وأنها تتمتع بحرية فكرية يتيح لي التصريح في مضمون أي نقد، هناك حقيقة أن الكثير يحارب أشياء معينة بناء على سوء فهم أو ضيق فكر أو اندفاع غاضب نابع من غيرة تحولت من غيرة محمودة إلى مذمومة! فليدرك مجتمعي أن زمن فرض الفكر إجبارا تولى، وزمن الاكتفاء والاتكال انقضى، وأننا لو التفتنا لشبابنا لوجدنا بينهم الكثير ممن سيرتقون بأمتنا إلى أمجادها ويرتقون بنا لعز توهجنا الثقافي الذي سيقودنا إلى تطور حضاري وفكري وحياتي، لجامعاتنا دور في عملية التنمية، ولكن ما نراه؛ خريجون بلا وظائف، إهمال للأنشطة الثقافية، واقتصار الجامعة على السلك التعليمي وليتها أتقنته حتى فتحولت إلى أحد عوامل إعاقة عجلة التنمية، فمتى سنرى جامعاتنا تضاهي جامعات الغرب في اهتمامها، وتعاملها، وطلابها ومجالاتها وفنونها المتعددة التي توافق شرع ديننا؟