استوقفتني كلمات مغرد في "تويتر" وهو يعلق على خبر مقتل الفنان السوري ياسين بقوش بالقول "وداعا يا بقوش.. وفي حال التقيت أبو عنتر بلغه أن حارة كل مين إيدو إلو صارت حقيقة وهي اللي قتلتني".
هذه حال فنان عربي عاش أيامه الأخيرة مهمشا وتخلى عنه أبرز زملائه من الفنانين وقد تركوه وحيدا يعاني الفقر والعوز، حتى إن تشييع جثمانه لم يحضر إليه أحد من الفنانين السوريين البارزين، أو على الأقل البقية ممن ظهروا مع ياسين في بداية حياته الفنية.
رحل ياسين بقوش بعد ضجيج قذيفة شوهت روحه الضاحكة البريئة، وهذا شأن كل الضحايا الذين سقطوا في معركة "الأسد" الذي اختار حربا طويلة ضد شعبه بكل أطيافه. تلك الحرب التي لن ترحم صغيرا ولا كبيرا ولن تفرق بين فنان مشهور وخباز في حي فقير!
بقوش حسب ما تناولته بعض وسائل الإعلام ظهر في تسجيل قبل شهر وهو محاط بأفراد من الجيش الحر في أجواء ودية، وربما يكون هذا السبب وراء مقتله من قبل قوات النظام السوري التي تحاول تصفية كل من يعتقدون أنهم بشهرتهم أو بأسمائهم يمكن أن يصبحوا رموزا للثورة. نعم تلك طريقة أي نظام مستبد، فهو يقتل كل رمز للثورة حتى لو كان فنانا مسالما وبسيطا وجميلا مثل ياسين بقوش الذي أضحك أجيالا بحسه الكوميدي وشخصية "ياسينو" في مسلسلات خالدة مثل "ملح وسكر" و"صح النوم".
ولا يستغرب ذلك البيان الذي أصدرته وزارة الثقافة السورية الذي اتهمت فيه التنظيمات الإرهابية على حد قولها بأنها وراء مقتل بقوش، وأن هذه التنظيمات تسعى لتدمير رموز التراث والفن في سورية. هل هي حقيقة أن النظام السوري يهتم بالتراث والثقافة والفن في بلاده؟! وهل يعتبر الفنان خطا أحمر لا يجب المساس به حتى إن كان معارضا له؟!
لا أعتقد، والدليل على ذلك هروب الكثير من فناني وفنانات سورية إلى الخارج، لعلمهم اليقين بأن دوامة الدماء لن تعرفهم ولن تميزهم عن غيرهم، وستبتلعهم وتنكل بهم.