تعتبر أرض المملكة العربية السعودية من أغنى أراضي العالم من حيث الثروات الطبيعية سواء كانت في أعماق الأرض حيث البترول والغاز أو داخل الجبال والهضاب والسهول حيث يوجد الذهب والنحاس والألمونيوم والحديد وغيرها من الثروات المعدنية. ولقد عُرف الذهب في الجزيرة العربية في أقدم مناجم الذهب في السعودية وهو منجم مهد الذهب الذي يشير التحليل الكربوني لنفايات صهر الخام القديم إلى فترتين منفصلتين من النشاط التعديني، الأولى كانت منذ حوالي (3000) سنة والثانية كانت في عهد الخلافة العباسية (750 ـ 1258). وبدأ الإنتاج التجاري من منجم مهد الذهب في عام (1988) وتم استخراج معظم كميات الذهب المستكشف. ووصل عدد مناجم الذهب في المملكة إلى عدد 5 مناجم ذهب تعمل بطرق تجارية تشغلها شركة معادن للذهب ومعادن الأساس، وقد بلغ إنتاج هذه المناجم أكثر من أربعة ملايين أوقية منذ العام 1988 مستخرجة من منجم مهد الذهب في منطقة المدينة المنورة، ومنجم (بلغة) في منطقة المدينة المنورة، الذي بدأ إنتاجه (2003)، ومنجم (الصخيبرات) في منطقة القصيم على بعد (250) كلم شمال مهد الذهب الذي بدأ إنتاجه عام (2005)، ومنجم (الحجار) ويقع في منطقة (عسير) جنوب المملكة بدأ إنتاجه (2001)، ونضب إنتاجه عام (2006)، ومنجم (الأمار) في منطقة الرياض بدأ الإنتاج فيه في يناير (2009). ومن المناجم المستقبلية التي تم التعاقد على تشغيلها هو منجم (السوق) ويقع على بعد (765) كلم شمال شرق مدينة جدة. وأخيرا أحدث منجم ذهب وقد يكون أكبرها وهو منجم (الدويحي) الذي تم توقيع عقد تشغيله بين شركة معادن للذهب ومعادن الأساس التابعة لشركة التعدين العربية السعودية (معادن) مع شركة (هانو الكورية) الجنوبية للهندسة والإنشاءات بقيمة (1018) مليون ريال لإنشاء مصنع في منجم الدويحي غرب المملكة قرب الطائف لإنتاج الذهب الذي سينتج قرابة (180) لف أونصة من الذهب الصافي سنوياً، وهو ما يعادل قرابة مليون وستمائة ألف أونصة خلال عمر المنجم الافتراضي الأولي الذي سيبدأ الإنتاج التجاري وفق إعلان الشركة من عام (2015). وتتسابق دول العالم الصناعية على المراتب المتقدمة من حيث المخزون الاحتياطي للذهب، حيث تتصدر القائمة الولايات المتحدة كأكبر دولة تمتلك احتياطي أطنان من الذهب في العالم؛ حيث وصل حجم احتياطيها حوالي (8133) طنا، وهذا يمثل 75% من الاحتياطي للبنك الاحتياطي الفدرالي، الذي يمتلك 26,6% من أطنان الذهب التي تمتلكها البنوك المركزية في العالم، ثم تأتي ألمانيا في المرتبة الثانية بإجمالي احتياطي (3407) أطنان يمثل 11,2% من الكمية الاحتياطية في البنوك المركزية في العالم. وتأتي في المرتبة الثالثة مؤسسة النقد الدولية كمؤسسة عالمية؛ حيث يشكل الاحتياطي الرسمي (2827,2) طنا وهو ما يشكل 9,3% من إجمالي الاحتياطي العالمي، ثم تأتي إيطاليا في المرتبة الرابعة ولديها (2541) طنا تمثل 8%، ثم فرنسا في المرتبة الخامسة (2535) طنا وتمثل أيضاً 8% من الاحتياطي العالمي، وتمتلك عشرة الدول الأولى في العالم نسبة 98,8% من إجمالي احتياطيات أرصدة الذهب على مستوى جميع دول العالم، ولا يشمل هذا الكميات التي لدى صناديق الاستثمار في الذهب واحتياطيات شركات التعدين والمناجم. وللأسف الشديد لم تأت أي دولة عربية أو خليجية ضمن العشرة الأوائل في قائمة المائة دولة في العالم، وإنما احتلت المملكة المرتبة السادسة عشرة دولياً والأولى عربياً، تليها لبنان الثاني عربياً والثامن عشر دولياً، ثم الجزائر الثالث عربياً والثانية والعشرون دولياً. ويصل إجمالي احتياطي المملكة العربية السعودية إلى (322,90) طنا من الاحتياطيات العالمية، ويصل إجمالي احتياطيات الدول العربية إلى نسبة (3,8%) من احتياطيات العالم. وهذا يدفعني اليوم لطرح سؤال مهم أتمنى أن يحظى بإجابة، وهو لماذا لم تتجه المملكة العربية السعودية إلى زيادة المخزون الاحتياطي الخاص بها من الذهب خلال السنوات الماضية؟ ولماذا لم توجه جزءا من إيرادات البترول منذ ارتفاع أسعاره لزيادة المخزون من احتياطي الذهب؟ وإذا كان الجواب عدم توفر الكميات المخصصة للشراء عالمياً لزيادة المخزون فالسؤال الذي يطرح نفسه أين ذهب إنتاج منجم مهد الذهب والمناجم الأخرى؟ وإذا كان الجواب للسوق المحلي أو للأسواق العالمية لسد العجز أو تغطية الاحتياج أو مضاعفة الاحتياطي فقد يكون ذلك مقنعاً، ولتأكيد الإقناع لماذا لا ينشر علناً حجم المباع وبلد التصدير وسعر المبيعات ولأي بند ذهبت الإيرادات في الميزانية؟ وإذا جاز لي الاقتراح، وأنا لست ضد التنقيب أو استخراج الذهب من المناجم رغم ارتفاع تكلفة التصنيع إلا أن اقتراحي يتمركز في أن الذهب معدن نادر وثمين ولا يتأثر بأي ظروف اقتصادية أو مالية عالمية، وهو مركز الاستقرار المالي في العالم منذ آلاف السنين، وهو سند العملات الصعبة أو بالأحرى جميع عملات العالم إلى زمن قريب، وكنت ولا زلت أشكك في صحة العملة غير المغطاة بالذهب كسند لها من التقلبات رغم أن الولايات المتحدة قادت الاتجاه العالمي لوقف ارتباط العملات بالذهب لأسبابها، إلا أنها لم تستغن عن مخزونها بل هي تعمل على دعمه والمحافظة عليه وكذلك تسير الدول الصناعية الأخرى. لذا فإن اقتراحي اليوم هو ضرورة أن توجه المملكة سياستها في التنقيب عن الذهب وتصنيعه لدعم الاحتياطي الوطني من الذهب. ولا مانع من تخصيص نسبة 25% من الإنتاج للسوق المحلي و75% لدعم احتياطي الذهب فهو ثروة الأجيال القادمة، فلنحافظ عليها، فالذهب معدن لا يمكن أن يكون له بديل مثل البترول والغاز.

فهل يجد اقتراحي طريقه إلى القرار بتوجيه معظم إنتاج مناجم الذهب إلى الاحتياطي من الذهب ومنع بيع الإنتاج في الأسواق العالمية، في الوقت الذي لا تحتاج الدولة إلى قيمته الورقية؟