مصطفى عبدالله عزيز


لقد استمتعنا مؤخرا بمشاهدة الفضائية السعودية (الاقتصادية)، وهي تنقل حفل إدارة التربية والتعليم بعسير، تدشين مشاريع مدرسية بحوالي ملياري ريال.. والتي أسهمت في خفض المباني المستأجرة ـ حسب خطاب مدير التربية والتعليم ـ ومع تحفظي الشديد على هذه المعلومة، وعلامات الاستفهام على المبالغ، هل يقصد بها ما خصص في الميزانية منذ سنوات أم في هذه السنة، وهل تم استلام هذه المباني أم ما زالت، وما نصيب كل محافظة منها؟. إلى جانب غياب قيادات الوزارة عن هذا الاحتفال التنموي المهم؟!

ولكن هذا ليس المقصود من مقالي هذا، ولو أنني أجزم أن مشكلة التعليم ليست في المباني المستأجرة فقط ـ وهو عامل ضمن عوامل أهم منه ـ والدليل على ذلك أن المباني المستأجرة التي كانت من طين أو من حجر أو حتى من عشش، خرّجت علماء ومبدعين سعوديين، لهم إسهامات كبيرة داخل الوطن وخارجه، ولكن المشكلة في مخرجات التربية والتعليم في زمن التقنية، والتي لم تواكب التطور العالمي، وكان أقلها تزويد كل طالب بجهاز كمبيوتر محمول، ومنهج يأخذه كل طالب في جيبه، ولا ضير إن كان يدرس في مدرسة حكومية أو مستأجرة، فتنمية العقول مقدمة على الحضارة المادية في ظل مخرجات ضعيفة.

لقد أحسست بغصة عندما تم في نهاية الحفل تكريم عدد من الإدارات وهي: الشرطة والمرور والدفاع المدني والنقل والمياه والتليفزيون والكهرباء، ولقد سألت نفسي ماذا قدم هؤلاء من خدمات خارج واجبهم الوظيفي؟ ولم أجد مبررا لتكريمهم بدروع تستلم من يد سمو أمير المنطقة على الهواء مباشرة، وقد يعتقد البعض أن هؤلاء من أنجزوا أو أسهموا في تخصيص أو تنفيذ هذه المبالغ المالية "ملياري ريال"ـ مع احترامي الكبير لهم ـ وقد استغربت استبعاد أمانة منطقة عسير من التكريم، وهي المعنية بنظافة الشوارع المحيطة بالمدارس.

وعندما يأتي التكريم من إدارة التربية والتعليم، التي هي قدوة للأجيال في الموضوعية والحياد والتربية على الصدق وعدم المحاباة على حساب التربية والتعليم؛ فإن التكريم الذي لا يبنى وفق مقاييس ثابتة يعتبر محاباة، وأسوأ ما يمكن بالنسبة للتكريم هو اعتماده على المحاباة والمجاملة. وما أخاف منه أن تنسحب هذه المحاباة من تفضيل أبناء وبنات ومعلمين ومعلمات من أقارب هؤلاء المسؤولين على حساب باقي أبناء المواطنين.

ولنا أن نسأل إدارة التربية والتعليم بالتوضيح عن أسباب تكريم كل إدارة؟

فقد لا يوجد لدينا معلومات، ونكون قد ظلمناهم وبالتالي نتقدم بالاعتذار لهم؛ لأن ما تم من تكريم أفسد فرحة الحفل بما تم تخصيصه للمنطقة بمبالغ تصل إلى ملياري ريال، وإذا كان هناك من تكريم أرى أنه كان من الأولى تكريم راعي الحفل أمير منطقة عسير، الذي هو قائد التنمية الفعلي للمنطقة.