وبكل المؤكد، أعرف أن في صدر الأخ العزيز، الدكتور، عوض القرني، مساحة كبرى من تقبل النقاش، وأن ما بيننا من العلاقة يسمح أيضاً بالحوار العقلاني الهادئ. ومع الأخ الفاضل جلسنا من قبل للحوار مرتين: الأولى في مواجهة ثنائية (عن الوطن) في نادي أبها الأدبي قبل سنين، والثانية، ركبة بجوار الأخرى في جلسة حوار وطني شامل كنا فيها (متجاورين) تماماً لأبجدية الأسماء. واليوم، أعود للحوار مع الأخ الغالي، أولاً، احتراماً لرأيه ومقامه، وثانياً، للتعقيب على رسالته الطويلة عن الإصلاح التي كتبها قبل عامين، ثم أعاد بثها على الفضاء (التويتري) قبل أيام عدة. وسأقول له ابتداء، إنني على اتفاق كامل مع شيخنا الكريم في كثير من صلب (ملفاته) حول الإصلاح والعدالة الاجتماعية والشراكة الوطنية بكل ما لهذه الملفات من تفريعات وأجنحة، ولن يهضمني أحد كل تجردي الثابت في كتابة هذه القضايا الوطنية بوضوح خلال مشواري مع الكتابة. سأختلف معه على طريقة النصح وعلى التوقيت، مثلما أختلف معه جوهرياً في ترتيب ملفاته للقضايا الوطنية الملحة.
ولكم جميعاً من الدلالات اللافتة، أن شيخنا الكريم الدكتور، عوض القرني، يضع ملف (التغريب والليبرالية) في المركز الأول من بين ملفاته المتعددة عن الإصلاح الوطني، وكأن هذا الملف، رغم وجاهة مؤشراته، أكبر المسامير في نعش مسيرة الإصلاح، ومن حقي أن أقول له الآن: هذا يا شيخنا هو هوى المدرسة وإملاءاتها التي جعلت منكم فريقاً يعيش خارج أزمان هذا المجتمع مثلما أنتم تحت ضغط المدرسة، بعيدون جداً عن فهم ترتيب قضاياه المحلية الملحة. أنتم يا سيدي تعيشون خارج (الساعة الاجتماعية) لأننا نعيش معاً في هذه الدولة وهذه المدينة بالتحديد: أعطني من بين كل دقائق سنواتها الطويلة امرأة واحدة هتكت في هذه المدينة ستر الحجاب، أو مثقفاً دعا إلى إحلال العلمنة، أو مفكراً نادى ببطلان أحكام الشريعة. كنت أربأ بمقامك الكريم أن تحارب الإقصاء والتهميش ثم تمارسه علنا في الملف الأول من بين كل ملفاتك لتقصي بهذا الملف كل من تراه يختلف معك بتهم (التغريب والليبرالية والعلمنة)، وكأنك تريد أن تقول إن المساواة والديموقراطية التي تنادي بها لن تستقيم ولن تطبق على أرض الواقع إلا إذا كانت تفصيلاً على مقاسات ثياب ذات (المدرسة)، وكل ما عداها رجس وتغريب وعلمنة. نحن يا أبا (محمد) لم يخلقنا الله كي نكون (إخوان مسلمون)، بل سمانا (المسلمون من قبل)، فلماذا تأخذنا إلى هذا الوصف الضيق الذي تقصي فيه سواد هذا المجتمع المسلم إن اختلف في شيء مع تعاليم هذه المدرسة: غداً نكمل.