قبل عقد، وفي عمر نبحث فيه عن اللامسموح.. نسبر أغوار أحداث ننهى عن بحثها فنتلقف أي كلام عنها لنستزيد أو نشبع تطفلا.. دكتور في هندسة البترول من أميركا يصدر سلسلة صوتية عن فتنة الصحابة.. ليس عن مستقبل النفط، بل عما شجر قبل ما يزيد عن ألف عام. مبدع هو في سرده، مشوق هو في جمله، يطرب الأذن صوته.. وبينما كنت أنصح الأصدقاء بالاستماع نهرني أحدهم قائلا: ألم تسمع ما قاله العلامه ابن عثيمين عن الشريط وصاحبه؟ وصف الإمام ابن عثيمين الدكتور السويدان أنه حاطب ليل.. أي أنه يحتطب وينقل الحطب دون أن يدري ما فيه. ربما أفعى أو غيرها. ولأن دعاة الفضائيات يعرفون ما يطلبه الجمهور والعلماء الثقات يقولون ما يدينون به لربهم.. فقد واصل الدكتور المسيرة ولم يسمع أحد تحذير الإمام. ولأن القاص يمرر ما يريد وسط قصصه أصبح الدكتور القاص الخليجي الأشهر، بعيداً عن السياسة وأمورها يبتسم ويقدم الأنموذج "المودرن" للإسلام. وفجأه تغير القاص المسالم عندما بدأت الثورات، فتبدلت الكلمات وبدأ الرعد والزبد، وأطلق الدكتور مشروعه للتغير الإسلامي خلال عشرين سنة، وإسقاط كل حكام الخليج لإنشاء الخلافة الإسلامية.. يا لهذا الربيع الذي أظهر الأفكار وأبان الرجال، ويا لهذا الربيع الذي كشفت فيه وجوه غطت نفسها بالسماحة والتيسير.. يسرد الدكتور سيرة الإمام أحمد ويتجاهل نهجه في التعامل مع ولاة الأمر.. ويغرد قبل شهر أن كل مؤشرات دول الربيع تدل على فجر جديد للأمة.

جميل أن رجلا بذكاء طارق السويدان يعد كل هذه الدماء فجرا.. فلينقل مدرسته واستثماراته ليسطع نوره هناك، وينعم ببزوغ الفجر وأمن دول الربيع، ويصدر لنا أفكاره عن حكم الردة والاعتراض على الله جل جلاله وبناء الكنائس وغيرها.

رزقنا الله بعلماء وأئمة التوحيد فقادتنا أهواؤنا إلى دعاة تيسير وجماهير.. وعندما كشفت الأيام زيف المداهنات ندمنا على أيام ضاعت لم نستزد منهم.. والآن فهمت لماذا حذرنا الأئمة ابن باز وابن عثيمين وآل الشيخ والفوزان منه، ومن غيره.. وفي قادم الأيام سينزل الميدان كثير من الطامحين الموهومين.. إن للفتن قادتها، ولها دعاتها.. لكن الحق أبلج، والله غالب على أمره..