هناك فرق بين الثقافة الجنسية وبين التثقيف بالجنس، فالأول يتعلق بتعليم المتلقي التفاصيل المتعلقة بالجنس كعملية إنسانية تهدف إلى التكاثر والتناسل وفق أسس وضعتها الشرائع السماوية وانتهجتها الشعوب عبر العصور في عملية إنسانية طبيعية، تلبي الغرائز من جهة وتتماشى مع المنهج السليم في بناء المجتمعات ولبنتها الأولى وهي الأسرة، في حين أن التثقيف بالجنس هي العملية التعليمية التي يقوم من خلالها تعليم المتلقي الفروق الفسيولوجية والعضوية والنفسية بين الرجل والمرأة باعتبارهما كائنين بشريين مختلفين من حيث التكوين الجسدي والنفسي.

أحببت أن أسرد هذه المقدمة لأوضح ما أرى أنه الإشكال الأساسي في فهم المقصد بين طرفي الحوار الدائر في مسألة تثقيف الأطفال بموضوع الجنس، حيث إنه من الواضح أن المتحفظين على الموضوع يرون فيه طريقة لإدخال أنماط غير مقبولة على أطفال مجتمعنا وتعليمهم أمورا تخالف فطرتهم، بينما يرى الطرف الآخر أنها من الأساسيات المهمة التي تحمي أطفال هذا العصر من التحرش والإيذاء الجسدي الذي قد يتعرضون له في البيت أو في المدرسة.

إن الدعوة إلى تثقيف الأطفال حيال الفرق بين الطفل الذكر والطفلة الأنثى من حيث الجسد والتكوين والتطور الفسيولوجي الذي سيمرون به تباعا في مراحل قادمة من حياتهم سيعفيهم من حالات القلق والصدمة التي يتعرض لها الكثير من الأطفال في مراحل التكوين، كما أنه سيعلمهم بأن هناك فروقا بين الجنسين وحساسية أمور أخرى يجب أن يعلموا أنها تعد خطرا عليهم في حال تعرضوا للمس أو ما إلى ذلك مما نسمع أنه أصبح منتشرا بين الأطفال للأسف الشديد.

أما التثقيف الجنسي بمفهومه الواضح الذي يقوم على تعليم الأطفال في مراحل المراهقة المبكرة والمتأخرة منها يعد أمرا في غاية الأهمية في مجتمعاتنا اليوم، نتيجة لتغير المحيط ودخول وسائل مختلفة قد تجعل الطفل ينجرف خلف نزواته الفطرية دون أن يعي الخطورة التي قد تترتب عليها إما عضويا أو نفسيا.

ليس لدي شك في أننا بحاجة ماسة في ظل ما تعيشه مجتمعاتنا من تلاقح حضاري وانفتاح على العالم في أن يكون هناك عمل ممنهج لحماية أطفالنا من مشاكل التحرش، وذلك من خلال إفهامهم في مراحل مبكرة الفروق بين الجنسين عبر "التثقيف بالجنس" لكي يعوا تدريجيا عندما يأتي الوقت الطبيعي ويفهموا حقيقة طبيعتهم البشرية والتي ستأتيهم عبر "الثقافة الجنسية".