تتداول واشنطن أنباء خلاف بين مجلس الأمن القومي الذي يديره توم دونيلون ووزارة الخارجية حول سياسة إدارة الرئيس باراك أوباما خلال الأسابيع القليلة المقبلة تجاه سورية. وتبنى المجلس "سياسة الحد الأدنى" أي الامتناع عن أي خطوات كبيرة تؤدي لجر الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري. أما الخارجية فترى أن تلك السياسة تؤدي لإطالة أمد الأزمة، وإعراض الولايات المتحدة عن التدخل سيؤدي إلى حالة من الفوضى الشاملة عقب سقوط الأسد مما يعني ضرورة البدء في إعداد خطط لتدخل قوات حلف شمال الأطلسي لتجنيب البلاد أخطار مأساة إنسانية مضاعفة. واكتسب الخلاف أهمية إضافية إثر ما تردد عن وضع المخابرات المركزية لتقرير تتوقع فيه سقوط النظام في وقت قريب، وقد يكون قريبا جدا.

وقال آنتوني كوردسمان الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية "اعتقد أنه (التقرير) لا يحمل أي مفاجأة لأحد. فنحن جميعا نعلم أن التشققات الداخلية بالجيش السوري تضعه قرب حافة الانهيار الكامل". وأضاف أن الثقة التي يبديها من يدعمون سورية سياسيا على الساحة الدولية في استقرار الرئيس بشار الأسد غير ذات معنى. وشرح ذلك بقوله "ما يقال في التصريحات العلنية غير ما يقال خلف أبواب مغلقة. ومن يدعمون الأسد يعرفون أنه سيذهب بأسرع مما يتوقع كثيرون. ولا أعرف ما إذا كان الأسد يعرف ذلك أيضا ولكن خبرتي بلحظات مشابهة في الشرق الأوسط تجعلني أعتقد أنه لا يعرف ذلك حتى الآن. إن مقربيه يقولون له ما يريد أن يسمع كالعادة".

وليس من المعروف كيف سيحسم الخلاف بين مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية وإن كان حلا توفيقيا عرض مؤخرا مفاده إرسال قوات دولية من حلف ناتو بقرار للأمم المتحدة لكن بعد سقوط الأسد وليس قبل ذلك. وستكون مهمة تلك القوات كبح جماح أي تدهور أمني في الموقف وفرض سيطرة عاجلة على الأسلحة الكيماوية.

في المقابل، قالت روسيا أمس إنها لا تجري محادثات بشأن مستقبل الرئيس الأسد نافية بذلك تكهنات بأنها تعد لخروج محتمل لحليفها من السلطة. وقال وزير الخارجية سيرجي لافروف خلال اجتماع أمس "لا نجري محادثات عن مصير الأسد. كل محاولات تصوير الموقف بشكل مختلف مضللة حتى على صعيد دبلوماسية تلك الدول التي يعرف عنها تشويه الحقائق لصالحها". وأضاف أن الأولوية هي لإنهاء القتال وليس بحث مصير رجل واحد. ومضى يقول "موقفنا من سورية معروف. موسكو لا تتمسك بالأسد أو بشخص آخر في المشهد السياسي السوري". وأكد مجددا معارضة روسيا لتكرار ما حدث في ليبيا.

إلى ذلك، أكد المبعوث الدولي العربي المشترك إلى سورية الأخضر الإبراهيمي بعد محادثات أجراها مع مسؤولين أميركيين وروس أمس في جنيف أنهم اتفقوا على أن السعي من أجل حل سياسي للأزمة ما زال ممكنا. وأضاف في بيان "الاجتماع كان بناء. بحثنا سبل المضي قدما نحو عملية سلمية وتعبئة تحرك دولي أكبر من أجل حل سياسي للأزمة السورية". وتابع، أنه تم الاتفاق على أن الوضع في سورية سيئ ويزداد سوءا وأن الحل السياسي لا بد أن يقوم على بيان جنيف في 30 يونيو الماضي.

وفي السياق، دعت اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالملف السوري في ختام اجتماعها بالدوحة أمس، الرئيس الأسد إلى التنحي لتسهيل بدء مرحلة الانتقال للسلطة، كما أكدت دعمها لمهمة الإبراهيمي. وجاء في البيان الختامي أن اللجنة تطلق "النداء مجددا بمطالبة الرئيس الأسد الاستجابة لقرار مجلس جامعة الدول العربية القاضي بتنحي الرئيس عن السلطة لتسهيل عملية بدء مرحلة الانتقال للسلطة ووقف سفك الدماء والتدمير".