في صباح يوم بارد كعادة الجو في لندن، ذهبت لحضور ما يسمى بيوم المهنة، لكن كان يجب أن يطلق عليه يوم النقمة، فهو يجعل المبتعث ينقم على ما سيؤول عليه مستقبله القريب، وبين فرحة الاحتفال بالتخرج تحولت تلك اللحظة إلى فوضى منعت ما لا يقل عن 70 مبتعثا ومبتعثة من الحضور، كما سبق أن حرم ما لا يقل عن 900 مبتعثة ومبتعث من التكريم لتميزهم، واختير منهم 15 فقط، رغم أن الشروط المكتوبة في موقع الملحقية وفي الإيميلات التي تم إرسالها تنطبق على كل من حرم منها، فماذا كانت المعايير إذاً التي تم اختيار الـ15 مبتعثة ومبتعثا على أساسها؟ لا أحد من الـ900 مبتعث ومبتعثة يعلم.

كنت قد سمعت كثيراً عن خيبات آمال وأحلام تبخرت لمبتعثين كثر في يوم المهنة، لكنني هذه السنة قلت لا بد أن أذهب لأتأكد بنفسي، فمن سمع ليس كمن رأى.

قبل وصولنا لمكان الحفل جاء اتصال من إحدى صديقاتي يحذر من وجود زحمة لدرجة أن عددا كبيرا من المفترض وجودهم داخل المسرح كانوا خارجه، ولكننا توكلنا على الله وأكملنا الطريق، وفي كل خطوة كنت أدعو أن يخيب الله ظني وألا أجد أن يوم المهنة هو يوم رحلة كما يقال، كنت قد استفتحت بالجامعة الإلكترونية حيث كان هناك شاب حسن الخلق وتعامل معنا بلطف وتفاءلت خيراً، لكن امتداد التخصص كان عقبة، فقررت أن أذهب إلى الذي بعده حيث كانت جامعة الملك سعود.. حدث ولا حرج، هذه الجامعة تعتقد أنها تنافس جامعة أوكسفورد، وكان امتداد التخصص عقبة أيضا، وكان موضوع امتداد التخصص هو أهم وأكثر العقبات التي واجهت الأغلبية إلا من رحم ربي، ربما نحن الوحيدون على وجه الأرض الذين يطبقون هذا المبدأ ـ امتداد التخصص ـ ثم أكملت المسير حتى جامعة الأميرة نورة.. كان تعاملهم وأسلوبهم جميلين، وكانوا يأخذون الطلبات من المبتعثات ويجرون حوارا سريعا على الرغم من كمية المبتعثات عند قسمهم.. أما جامعة تبوك فكانوا بمنتهى الذوق والأدب وأيضاً قاموا مشكورين بأخذ الطلبات، أما جامعة الملك خالد وجامعة الطائف وجامعة الباحة فقد كانوا في رحلة، أماكنهم خالية رغم أن الساعة كانت 4:30 ووقت انتهائهم الساعة 7 مساءً!

أخذت أتجول وأتحدث مع المبتعثين والمبتعثات حيث كانت مسحة الحزن وخيبة الأمل على وجه الأغلبية، فبكل ما حمله هذا اليوم من مواقف وقصص تذكرت أول يوم جئت فيه للدراسة في بريطانيا، حيث كانت السماء هي حدودي، وكم كنت واثقة من أن الوطن مشتاق لي أضعاف اشتياقي له بحيث سيستقطبني قبل أن أستقطبه، ولكن ما حصل معي جعلني في حالة بحث بوهيمية عن بديل يحتضنني، ولكنني في كل مرة كنت أسمع صوت طلال مداح رحمه الله في قلبي قبل عقلي وهو يقول:

روحي وما ملكت يداي فداه.. وطني الحبيب وهل أحب سواه

وطني الذي قد عشت تحت سمائه.. وهو الذي قد عشت فوق ثراه

منذ الطفولة قد عشقت ربوعه.. إني أحب سهوله ورباه

وطني الحبيب وما أحب سواه

وطني الحبيب وما أحب سواه

وطني الحبيب وما أحب سواه

.... آسفة لم أستطع تكملة المقال.