القرب الجغرافي هو أهم عناصر اهتمام المتلقي بالخبر، فكلما كان الحدث قريبا منه، كلما زاد اهتمام المتلقي به، وقد اهتممنا بزلزال إيران؛ لأنه هزنا معه، ولكن لم نفعل ذلك مع زلزال اليابان، الذي حدث بعده بوقت قصير، فلم يتطرق إليه الإعلام العربي بشكل واسع، ولعل الأكثرية لم تعلم به! فلماذا كنت ـ وغيري الملايين طبعا ـ الذين تابعوا أخبار تفجيرات بوسطن منذ أول لحظاتها باهتمام بالغ و"بخوف"! مع أن المسافة بيني وبين موضع الحدث هي 10231 كلم؟! لماذا كنا نتابع وأيدينا على قلوبنا، ونحن نقول "الله يستر"؟!. أظن أننا قد فعلنا لأكثر من سبب، أولها أننا أصبحنا أكثر حساسية تجاه "الإرهاب"، وأكثر تعاطفا مع ضحاياه وليس فاعليه، مع المغدورين وليس مع الغادرين، أصبح هناك وعي تراكمي لدى الأكثرية بأنه لا يوجد ما يبرر قتل الآمنين المسالمين من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال، من أي جنس أو لون أو عرق بهذه الطرق الغادرة، التي لا يقرها دين أو عرف أو فطرة سليمة.
وعندما تابعنا تفجيرات بوسطن عبر وسائل الإعلام، فعلنا ذلك خوفا من أن يكون قد تورط فيها سعودي أو عربي أو مسلم، ونحن نعرف أن في أميركا عشرات الآلاف من المبتعثين السعوديين، ومثلهم من العرب وأضعافهم من المسلمين، الذين سيتأثرون بشكل سلبي وكبير لو فعل ذلك عربي أو مسلم.. لم نكن في تلك اللحظات ونحن نتابع نشرات الأخبار التي لم تهمل شاردة ولا واردة في هذه الأحداث أقل اهتماما من أهل بوسطن، ولا أقل رغبة في أن يتم اكتشاف الفاعل بسرعة. كانت مشاعرنا "معولمة".. غمرنا إحساس بأننا في هذه "القرية العالمية" حيث يخشى كل بيت أن يُنسب ذلك المجرم إليه.