الزوايا الصغيرة – كزاويتي- تجبرك على الدخول في صلب موضوعك دون "لت وعجن"، هذا جيد، إلا أنه يحرمك من التمهيد "الوطني" الذي يخفف عنك وطأة موزعي تهمة "التأليب".

"حماية المال العام".. هذه الجملة وردت في المادة الأولى من نظام يفترض أنه وضع لحماية المال العام، وهو نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، الذي وجدت روحه قبل ثلاثة عقود، فيما تعرض جسده لبعض التجميل قبل 8 أعوام.

وقبل كتابة هذا المقال؛ تحدثت مع عدة مسؤولين في البلديات، سألتهم بحسرة عن هذه المليارات الضائعة في مشاريع "مشي حالك" وأخرى متعثرة: لماذا مشاريعنا الأعلى تكلفة والأقل جودة في العالم؟ لماذا يتبخر مالنا العام تحت أشعة الشمس، ويذوب مع قطرات المطر؟ لماذا أرصفتنا، شوارعنا، مبانينا الحكومية؛ تنوء بين احتمالين: إما التعثر، وإما التنفيذ بلا جودة؟!.

كانت إجاباتهم – التي تحولت إلى أسئلة مشرعة - تلتقي في نقطة "نظام المنافسات والمشتريات الحكومية" وتختلف في الزوايا التي توصلهم لذات النقطة.

أحدهم قال لي: في أعوام خلت، كنا بالكاد ننشغل في مشروعين ثلاثة، والآن هناك مئات المشاريع، إلا أن عدم تقييم المقاولين ومنحهم ما يتناسب معهم جعل مشاريعنا كـ"فصوص الملح" وتساءل: "لماذا لا نسمع عن سحب المشاريع؟" وأعدت عليه سؤاله، فأجاب "اسأل النظام"!.

آخر تساؤل أيضاً: كيف يخلص المقاول في عمله وهو لا يستلم مستحقاته إلا متأخراً؟ ثم أضاف "مصيبتنا في اختيار العروض الأقل" موضحاً بأن بعض المقاولين يقدم عروضا تقل عن التكلفة التقديرية بنحو 30-35% فقط للفوز بالعطاء، ثم ينفذ عمله "كيفما اتفق" وبأقل جودة ممكنة!.

الحديث مكرور عن "إفرازات" هذا النظام، وجولة على الشيخ "قوقل" تكشف لك أنه تعرض لانتقادات منطقية وأكاديمية كثيرة، دون جدوى.. وبقي فقط أن ندعو الله أن يحمي مالنا العام من هذا النظام الذي أنهكه، وتسبب في ضياعه، بدلاً من حفظه كما تدعي المادة الأولى منه.