بدا واضحا أن تأثير "الهاوية المالية" للاقتصاد الأميركي، كان له وقع أكبر على سوق الأسهم السعودية أمس، من تأثير الأرقام الضخمة التي أظهرتها الموازنة العامة للمملكة التي تدعو للتفاؤل، إذ اختتم مؤشر السوق جلسته أمس على تراجع بنسبة 0.8 % مغلقا عند 6824 نقطة (-53 نقطة)، بتداولات بلغت قيمتها نحو 5.1 مليارات ريال.
وشهدت الجلسة هبوطا لأغلبية الأسهم المتداولة بنسب متفاوتة، يتقدمها سهم "مصرف الراجحي" الأكبر وزنا في مؤشر السوق بنحو 2 % عند 65.50 ريالا، وانخفض سهما "سابك" و"الاتصالات السعودية" بنحو 1 % عند 89.75 ريالا و43.30 ريالا على التوالي.
وبالتوازي مع أداء سوق الأسهم أمس، برزت تساؤلات حول اختفاء الانعكاسات الإيجابية لموازنة الدولة الأضخم تاريخياً، حيث تراجع السوق، في حين أبدى الكثير تعجبهم، مشيرين إلى أن السوق لا بد أن يستجيب بشكل إيجابي مع إعلان الميزانية، وأن يستقر دون نزول أو ارتفاع على أقل تقدير، إلا أن يوم أمس كان سوق الأسهم معاكسا لتوقعات المستثمرين وتفاؤلهم.
أمام ذلك قال المستثمر محمد العيسى إنه ليس من المنطق أن ينعكس تأثير الميزانية بشكل مباشر، مشيراً إلى أن المستفيد بالدرجة الأولى من نتنائج الميزانية هو قطاعات البنوك والأسمنت والخدمات العامة التي تدخل في المشاريع التنموية.
وأضاف أن قطاع الزراعة بدا جيدا ولم يتأثر كالقطاعات الأخرى أمس، مشيرا إلى أنه سيتم إيداع أموال الوزارات ومخصصات الجهات الحكومية الأخرى في البنوك، مؤكدا أنه وبذلك سيكون قطاع البنوك قد استفاد من الميزانية.
وقال العيسى: "أما الأسمنت فالطلب سيتزايد مع ما قرر له من مصروفات على المشاريع التنموية وكذلك قطاع الخدمات العامة كالخزف على سبيل المثال لا الحصر".
من جهته اعتبر المستثمر الأجنبي المهندس يوسف، نزول السوق تزامنا مع إعلان الميزانية، غير مبرر ومن المفترض على أقل تقدير أن يستقر دون نزول أو ارتفاع، إلا أنه أوضح أن هذا النزول من الممكن أن يكون سببه انتظار الجميع لنتائج آخر اجتماع سيقرر فيه وضع الهاوية المالية في أميركا، التي تعني حزمة زيادات في الضرائب وتخفيضات في الإنفاق العام بقيمة 600 مليار دولار، سيتم تطبيقها تلقائياً مع بداية العام الجديد، إذا لم تتوصل الإدارة الأميركية والكونجرس لاتفاق بديل بشأن سبل خفض عجز الميزانية الأميركية اليوم.
وأضاف يوسف أن الاجتماع إن كان إيجابيا فسينعكس ذلك إيجابا، لافتا إلى أنه وإن اتسم بالسلبية فالسوق السعودي سيكون أكثر المتضررين، مشيرا إلى أن أسواق المال في العالم جميعها متعلقة ببعضها بعضا.
وقال يوسف إن قطاع الاستثمار المتعدد والقطاع الزراعي من أفضل القطاعات يوم أمس، مضيفا أن قطاع التأمين والبتروكيماويات متأثر ويعاني نزولا في قيمته كمعظم القطاعات.
وغاب التفاؤل أيضا عن المستثمر محمد القحطاني، قائلا: "الميزانية تبشر بخير وسوق الأسهم يخالف كل هذا"، مضيفا أن الميزانية من المفترض أن تجعل السوق مستقرا على أقل تقدير، واصفا سوق الأسهم بالمنفر لمخالفته الميزانية المبشرة بالخيرات.
وأضاف القحطاني أن النزول الذي اجتاح معظم قطاعات سوق الأسهم السعودي غير مبرر، مرجعا ذلك برأيه إلى أحد أمرين إما بسبب تأثر السوق بالأسواق العالمية، أو أنه توجد عمليات غير نظامية وغياب الرقابة، مشيرا إلى أن السوق غامض في ارتفاعاته ونزوله، ممتدحا وضع القطاع الزراعي.