تعبر الشاعرة والصحافية اللبنانية ليلى عيد في مجموعتها الشعرية الأخيرة "أحيانا أرقص.. لو تراني" عن حالات من الواقع بطريقة تحفل بالرموز والمجازات؛ لكنها تبدو عامة بعيدة عن أي ادعاء ميتافيزيقي. والشاعرة تتكلم بهدوء دون صخب أو ضجيج، فهي تبدو كمن يخاطب نفسه أحيانا وبعيدة عن مخاطبة جمهور. إنها أقرب إلى أن تكون تخاطب شخصا واحدا أو شخصين إذا أخذنا القارئ بعين الاعتبار. إنها وسط هذا العالم ووسط مشكلاته وإن كانت تلتقط بعض ما فيه بعين تحول المشاهدات إلى مشاهدات رمزية، وتأتي بالتعبير حافلا بالمجازات التي يصعب أن نصل إلى الرمز دونها. المجموعة هي العمل الثالث لليلى عيد إذ سبقتها مجموعة أخرى ورواية. ولها قصائد مترجمة إلى الفرنسية. وردت المجموعة الحالية في 131 صفحة متوسطة القطع، ولوحة الغلاف هي صورة للرسام بيتر هوبين. وقد صدرت المجموعة عن دار نلسن للنشر السويد -لبنان. في القصيدة الأولى تتحدث الشاعرة عن عدم القدرة على التفلت من جاذبية "الشوق" مهما أمعنا في الارتفاع إلى أعلى. تعبر عن ذلك في طريقة تصويرية في بعض الأحيان.

ونتاج مجموعة ليلى عيد هو من نوع قصيدة النثر وفيها كثير من الصور ومحدودية في الموسيقى التي تبقى خفية ولا ترتفع.

نقرأ قصيدة "كواليس" التي تشكل بداية المجموعة. تقول واصفة هذه الجاذبية التي تتحكم بها

"يطالني الشوق

مهما ارتفعت

مسافرة في سماء

أنحني وسط المسافة

أنكسر

غيوم خضراء

استعارت طراوتي

ليست كلمات هذه

قطع من قلبي

أرتق بها ثقوب غياب".

وواقع الأمومة يرافق كثيرا من قصائد الشاعرة إذ إنها تشير إليه مباشرة أو مداورة، تتابع هنا فتميز بين الاختفاء والاختباء فتقول:

"لا أبتعد

أختبئ

حاملة نطفتك

ألد صوتا

مثل صوتك

أهدهده لا يغفو

مهما نسيانا رضع.

تختم القصيدة بتوق إلى ما ينعش النفس مفتقدة ذلك. تقول

"ظننت أنني نسيت

كيف أنادي اسمك

الورود لا تموت

تنتحر

في إناء نسينا أن نضع فيه

روحا تدغدغها نجمة

أو ابتسامتك

أقص شعري

لا أقص انتظاري."

وفي تصوير يمزج الواقعي بالرمزي والمادي بالمعنوي تقول:

"رقصات من دخان

جثث من ورق

تكدست

تناسلت طعنات أخرى

وذاكرات."

وتبرز تصويرية حادة عندها في قولها

"تصمت نظرتك

أنا على حافة ثرثرة

أهذي كرأس مقطوعة

أبتلع أقراصا لأفيق

عيناي نمر محاصر

روحي تنز لعابا أزرق

تأكل أحجار صمت

تتماهى

أسئلة من نار."