عين واحدة ترى من خلالها الحياة بعد أن خلقت عينها اليسرى مظلمة، ولم تهبط تلك الإعاقة من عزيمة المبتعثة عبير صالح في تحصيل العلم، حتى وقعت ضحية خطأ طبي أثناء فترة ابتعاثها في أميركا أطفأ شعاع الضوء الوحيد الذي كانت ترى الحياة من خلاله.
وتقول عبير التي ظلت تحافظ طوال عمرها على عينها السليمة بمتابعة الأطباء للمحافظة على جودة إبصارها: كنت أعيش حياتي بصورة عادية معتمدة على ما أتمتع به من بصر في العين اليمنى، حتى أكملت مرحلة الجامعة بتقدير امتياز، ثم ابتعثتُ إلى مدينة أوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة الأميركية لدراسة تخصص التغذية.
وأضافت:في أبريل الماضي أجهدت عيني نتيجة لكثافة الدراسة وأصبت بالإرهاق إضافة إلى خدش في العين، وشعرت بألم شديد، فتوجهت إلى مستشفى متخصص في العيون يدعى"تكسن آي"، تحت التأمين الطبي، حيث طلب مني طبيب عيون في المستشفى إيقاف استخدام العلاجات الواقية التي وصفها لي مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، ووصف لي استخدام قطرة "مضاد حيوي"، وألبسني عدسة طبية للمحافظة على العين. وتتابع: رغم أن الألم لم يتوقف إلا إنني كنت أتصبر إلى أن زرت طبيبة عيون متخصصة في القرنية، حيث طمأنتني بأن الخدش قد التأم، ونزعت مني العدسة وطلبت مني الكف عن استخدام قطرات المضاد الحيوي، وطلبت مني معاودة استخدام قطراتي المعتادة، وتكمل عبير قصتها قائلة: توجهت إليها مجدداً وبعد الكشف أخبرتني بأن الخدش فتح مرة أخرى وأن السبب هو القطرات المعتادة التي وجهتني هي بالعودة لاستخدامها، تدهورت الحالة بعدهاو أصبحت لا أرى إلا البياض، وحينها شعرت بتدهور الوضع، تواصلت مع الملحقية الصحية في الولايات المتحدة لتحديد موعد في مستشفى مدينة هيوستن باعتباره المستشفى المتخصص في العيون الأكثر شهرة في الولاية، إلا أنهم لم يهتموا ولم يعطوني موعدا مع المستشفى.
راجعت طبيبة القرنية فلاحظت عليها ارتباكا وطلبت مني التخفيف من استخدام القطرات لأنها تضر بالعين، ووصفت لي حبوب كورتيزون. وفي الزيارة التالية أضافت لي قطرة الكورتيزون، إلا أن الآلام أصبحت لاتطاق، وعندما راجعتها طلبت مني إيقاف القطرات، والعودة لقطراتي المعتادة، وواصلت مراجعتها، مع استمرار تدهور حالتي، حتى فوجئت بالمركز الطبي يمنعني من الدخول وأي تواصل مع طبيبة القرنية بحجة انشغالها، وطلبوا مني مراجعة طبيب عيون آخر فطلب مني تكثيف قطرة الكورتيزون، ووصف لي قطرة أخرى مسكنة، وعندما راجعت طبيبتي المتخصصة بعد 5 أيام أخبرتني بأن الوضع ساء جدا، وأن القرنية أصبح فيها ترقق وأنها ستفتح عن قريب، وأنني بهذا سأكون معرضة لفقد البصر، وطلبت مني إيقاف قطرة الكورتيزون، وتكثيف جراعات حبوب الكورتيزون. وأضافت: ونظرا لتدهور حالتي الصحية تقدمت إلى الملحقية الثقافية بطلب تأجيل بعثتي نظرا لفقد جزء كبير من البصر، ولمعاودة مراجعة الأطباء السعوديين الذي كانوا يشرفون على حالتي في مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون في الرياض، وفعلا عدت إلى المملكة، و تم تنويمي في تخصصي العيون في الرياض مدة 21 يوما، وأخبرتني الطبيبة السعودية بأن جميع الوصفات والعلاجات التي أخذتها خلال بعثتي لا تساعد على علاج المشكلة بل زادتها سوءاً.
وأفادت تقارير الأطباء أن الإهمال الطبي الذي تعرضت له نتج عنه تكون بكتيريا في القرنية، وانفصال في الشبكية، وندبة في العين نتيجة عمق خدش القرنية. وقالت: بفضل الله تحسنت حالتي هنا في المملكة، لكنني فقدت جزءا كبيرا من قوة بصري، و صنفت بأنني كفيفه، ويعد الأطباء حالياً لإجراء تدخل جراحي لإصلاح الشبكية والقرنية".
وذكرت عبير صالح أنها خاطبت الملحقية السعودية في الولايات المتحدة فيما يخص شكواها من الخطأ الطبي الذي تعرضت له ومطالبتها بالتعويض، مضمنة مطالبتها بمعاقبة المتسببين في فقدانها بصيص الأمل الوحيد الذي إتكأت عليه سنوات حياتها وهو عينها اليمنى. ومن جانبه، أوضح الملحق الثقافي السعودي في الولايات المتحدة الأميركية الدكتور محمد العيسى أن الآلية المتبعة هو تقديم المبتعث خطاب شكوى إلى الملحقية، والتي تحيلها بدورها إلى السفارة لتتولى هي توكيل محامٍ يرفع دعوى ضد المستشفى أو ضد الطبيب الذي أخطأ في حقها، ووعد العيسى بالاستجابة لطلب المبتعثة بتأجيل البعثة بعد أن تتقدم هي بطلب يتضمن تفاصيل أسباب التأجيل. وأفاد أمين عام جمعية إبصار محمد توفيق بالو أن الجمعية تعاملت مع عبير صالح باعتبارها حالة إعاقة بصرية تتطلب مساندة إنسانية، فتم تأمين عمل مؤقت بدخل شهري لها لتحسين وضعها الأسري، كما قدمت لها الجمعية دورات تدريبية وتأهيلية في مجال الحاسب الآلي لكفيفي البصر ودورات في التوجه والحركة، وفرصة للاختلاط بالمعاقات والكفيفات بصريا، حتى يمكنها التأقلم مع حالتها الحالية من مبصره إلى كفيفة بصر، وكذلك حتى تتمكن من العودة لبعثتها بتصنيفها الجديد بإعتبارها كفيفة.