لم يكن أكثر الاتحاديين تفاؤلاً ينتظر أن يتخطى النادي العريق مرحلة تغيير الجلد دون معاناة بعدما اتخذت إدارة محمد فائز قراراً مفصلياً بنقل الاتحاد من مرحلة إلى أخرى، وفي توقيت رآه البعض غير مناسب، على اعتبار أن التغيير لابد أن يأتي تدريجياً ويأخذ وقتاً أطول.

العارفون ببواطن الأمور يعلمون أن القرار لم يأت من إدارة النادي مباشرة، وأن أعضاء شرف أقوياء يتابعون أحوال الاتحاد عن بعد اتخذوا قراراً بتنفيذ حملة "تطهير" تستهدف تصفية مراكز قوى معينة، وهي الحملة نفسها التي عرفها النادي في عام 1996 مع اختلاف الطريقة.

وجاءت تصريحات محمد نور قبل يومين من إبعاده بمثابة الصوت الذي استدعى الوحوش من مخادعها، فبعدما تحدث نور متحدياً أن أحداً لن يستطيع إبعاده، بدأت الاتصالات بين أعضاء شرف مهمين لترتيب إبعاد مجموعة من اللاعبين وفي مقدمتهم محمد نور بطريقة تبرهن لكل من استمعوا لتصريحاته أنه لن يكون أكبر من الاتحاد.

وكان من المهم لإيصال الرسالة أن يغادر هذا اللاعب فوراً وعدم الانتظار إلى نهاية الموسم.. وقبل صدور القرار بيومين زار أسعد عبدالكريم، أو كما يلقبه الاتحاديون بالعضو "الفعال" مكتب رئيس النادي والتقى بالنائب عادل جمجوم لترتيب ما يجب فعله، وكثيراً ما زار "الفعال" نادي الاتحاد ولكن بعيداً عن الأضواء، حتى إن الاعلاميين المتواجدين بصفة دائمة في النادي يعلمون أن أخبار هذا الرجل ليست للنشر، وهذا اتفاق غير مكتوب بينهم وبينه تحول إلى عرف يعود إلى سنوات سابقة عندما كان الرجل يشغل منصب مدير الجوازات ثم مديراً للأمن العام، وخلال الزيارة الأخيرة دعاه جمجوم لالتقاط صورة عقب الاجتماع فوافق الرجل وتم توزيع الخبر برفقة الصورة على وسائل الإعلام.

كان ظهور أسعد عبدالكريم بجانب عادل جمجوم يمهد لأمر مهم لن تستطيع الإدارة بمفردها تحمله، بعد هذا صدر القرار الذي أثار غضب الآلاف من أنصار النادي الجداوي!

لم يكن بعض الاتحاديين يعلم أن "الفعال" قام بالزيارة نفسها إلى مكتب طلعت لامي في عام 1996 ويومها كان النادي يعيش ظروفاً مشابهة، غير أن مرحلة تغيير الجلد حينها تمت تدريجياً بعدما احتج أنصار النادي على الاستغناء عن لاعبين مهمين في ذاك الوقت من أمثال مروان بصاص "المعلم" وعبدالله فوال وإسماعيل حكمي، والغريب أن تلك الاحتجاجات لو نجحت لحالت دون وصول اللاعب الناشئ محمد نور إلى الفريق حينها!

ولعل وجه الشبه بين المرحلتين يتمثل بتمرد النجوم، فعندما رمى بصاص قميص الاتحاد على الأرض تحرك الصقور دون سابق إنذار، وأيضاً عندما تحدى نور الكيان بعبارات حادة جاء الرد سريعاً ومن الجوارح نفسها.

العقلاء في بيت الاتحاد يدركون أن العودة لن تكون بالفوز على الهلال أو الفتح، لكنهم يراهنون على عودة الأقوياء للوقوف بجانب النادي، وهي الخطوة التي يعتقدون أنها كافية لأن تحمي الإدارة من تخبطاتها ومن خصومها حتى يستطيع الاتحاد السير قدماً ودون منغصات كبيرة، خاصة أن معالم فريق بطل بدأت تتشكل من خلال مجموعة شابة من اللاعبين نالت ثناء الجميع، مما يجعل مهمة المحافظة على هذه النواة تتطلب إدارة قوية وغير مخترقة. ما نتمناه أن يعود الاتحاد إلى سابق عهده، لأن سقوط أحد الأندية الجماهيرية عادة ما يتسبب في ضعف المنافسة محلياً وتراجع مستوى كرة القدم السعودية عموماً.