بالكثير من عبارات "الحلطمة" ومثلها من جمل التضجر يرد "مبارك" على والدته التي بح صوتها منذ سنتين وهي تطالبه بالقيام والبحث عن عمل، بدلا من بقائه جثة هامدة وسط غرفته التي لا يبارحها إلا بعد أن تهم الشمس بمبارحة الأرض!: "يعني أنتِ شايفة مسؤولي التوظيف صافين عند الباب، مو أنا كل يوم أروح

ويطردوني"؟! ورغم أن مباركا صادق جدا في أن لا أحد من مسؤولي التوظيف سيأتيه إلى المنزل، إلا أنه لم يكن كذلك في عبارته الثانية، فهو لم يكلف نفسه عناء الذهاب إليهم إلا في مرتين خجولتين، في إحداهما وضع ملفه على استحياء ثم هرب!، والأخرى دخل فيها للمقابلة الشخصية بذات الطريقة التي يدخل بها لشجار عابر وسط الحارة، وهو الأمر الذي زاد من فرص قبول المتقدمين الآخرين عندما استبعدته لجنة القبول من أول لمحة!.

وبهكذا منهجية فإنه من المتوقع جدا أن يظل "مبارك" على تلك الحال، ما لم يعلم أن فن التسويق ليس قصرا على السلع الغذائية أو المنتجات الاستهلاكية، ففي مجال البحث عن عمل يعدّ فن التسويق للنفس من أهم الفنون التي يجب أن يتقنها الباحث عنه، حتى يقنع رب العمل بقبول بضاعته التي ستكون هنا: مؤهلاته الدراسية.. مهاراته.. خبراته.. ومواهبه الأخرى التي يجب أن يكون ذكيا في طريقة عرضها حتى ينال العمل المنشود.

بالأمس فقط كنت في نقاش مع صديق قديم أصبح عضوا للجنة القبول في إحدى الشركات، عن أسباب رفضهم لبعض المتقدمين على حساب آخرين، فيرد قائلا: كيف تريدنا أن نقبل من يتأخر عن موعد مقابلته الشخصية لنصف ساعة كاملة؟ كيف تريدنا أن نوظف من نسأله عن اسم شركتنا التي تقدم لها فيجيب باسم شركة أخرى تبعد عنا مسافة 1000 كلم؟ ويضيف أيضا:

"ما رأيك بمن نستنطقه للحديث عن نفسه، فيكون رده تلك النظرة التي لا تعني سوى: "أنتوا بتوظفوني وإلا بتناسبوني؟" ويكمل أيضا: "نحن يا صديقي لا نقبل في شركتنا من يحضر للمقابلة الشخصية بذات الطريقة التي يحضر بها مباريات فريقه في المدرج"!، ويختم حديثه بقوله: "لدى شبابنا المؤهلات وبعضهم لديه خبرات مناسبة إلا أنهم فقط يفشلون في التسويق لأنفسهم"!.